باب ما يتوضأبه من الماء وما كره.
وبه قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم، أو أثبت لي عنه: يقول: إذا تغير طعم الماء، أو لونه أو ريحه، فليس لأحد أن يتوضأ به، ولا يتطهر.
وكذلك إن كان تغييره بنبيذ يغلب عليه حتى يذهب عنه اسم الماء، فليس لأحد أن يتطهر به؛ لزوال اسم الماء عنه، وإنما جعل الله الطهارة بالماء المفرد فقال: ?وأنزلنا من السماء ماء طهورا?[الفرقان:48]، ?وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به?[الأنفال:11]، وقال تعالى: ?فلم تجدوا ماء فتيمموا?[المائدة:6]، فإذا وجد نبيذا، فلم يجد ماء، وكذلك إن كان تغير الماء بخل أو لبن أو خبز حتى يغلب ذلك، ويزول عنه به اسم الماء المفرد الطاهر، فليس لأحد أن يتطهر به، ولا يتوضأ به، وأما الآبار والغدرات يقع فيها الشيء النجس، فإنها لا تفسد إلا أن تغلب النجاسة عليها، ولا ينجسها ما وقع فيها من ميتة أو ما أشبهها إذا لم يغلب عليها النتن في لون أو ريح أو طعم.
وبه قال محمد: أما قول قاسم في النبيذ فإنه عندنا إن كان مثل النبيذ الذي قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((تمرة طيبة، وماء طهور))، فإن ذلك لا بأس بالوضوء به، إنما كان تمر قذف في ماء، وإن كان من هذا النبيذ المسكر الذي أحدث الناس، فلا خير في الوضوء به، ويتيمم إذا لم يجد الماء.
قال محمد: حضرت قاسم بن إبراهيم استسقي له من بئر كان يتوضأ منها، فأصابوا في البئر حمامة ميتة، فأعلم بذلك قاسم، فقال لغلمانه: انظروا، تغير منها ريح أو طعم، فنظروا فلم يروا تغيرا، فتوضأ منها، ولم ينزح منها شيئا.
صفحہ 51