على مذهب الإمام مالك، وتعمق فيه وفهمه واستوعبه حتى نبغ وبلغ فيه مبلغًا عظيمًا، وصار رأسًا عند المالكية، بل شيخ المالكية في عصره (١)، وصنف في مذهبه تصانيف جليلة لا تزال تعد من أمهات المراجع الفقهية المعتمدة وخصوصًا كتابه (جامع الأمهات).
وقد ألف كتابين في الأصول حازا شهرة كبيرة وهما: منتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل، ومختصره الذي كان موضع عناية الدارسين من طلاب الفقه، قال ابن كثير (٢): "مختصره في الفقه من أحسن المختصرات، انتظم فيه فوائد ابن شاش، ومختصره في الأصول استوعب فيه عامة فوائد الأحكام لسيف الدين الأمدي".
وكان ابن الحاجب معنيًا بالقراءات عناية خاصة تلقاها عن شيوخ القراء في عصره كالشاطبي وأبي الجود اللخمي والغزنوي وغيرهم.
وكانت هذه الدراسات العلمية في الفقه والقراءات مقدمة للدراسات العربية في النحو والصرف. وقد وصل في ذلك إلى مرتبة عالية بما وضعه من مصنفات مختلفة في علم العربية ولاسيما مقدمتاه: الكافية والشافية، وأماليه. وقد أثنى ابن الجزري على تصانيفه فقال (٣): "ومؤلفاته تنبئ عن فضله كمختصري الأصول والفقه، ومقدمتي النحو والتصريف ولاسيما أماليه التي يظهر فيها ما أتاه الله من عظم الذهن وحسن التصور. إلا أنه أعضل فيما ذكره في مختصر الأصول حين تعرض للقراءات وأتى بما لم يتقدم فيه غيره". وقال النعيمي (٤): " واشتغل بالعلم فقرأ القراءات وحرر النحو تحريرا بليغا، وتفقه
_________
(١) طبقات الشافعية للسبكي ٣|٣٦٥ (تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو ومحمود محمد الطناحي)
(٢) البداية والنهاية ١٣|١٧٦
(٣) غاية النهاية ١|٥٠٩
(٤) الدارس في تاريخ المدارس لعبد القادر النعيمي ٢/ ٣ (تحقيق جعفر الحسيني)
1 / 19