امید اور یوٹوپیا
الأمل واليوتوبيا في فلسفة إرنست بلوخ
اصناف
2
وإذا كانت الحاجة واللاتملك هما أول ما يواجه الإنسان في حياته، فإن ذلك يعني أن «اللا» مغروسة فيه، وجزء لا يتجزأ من تجاربه الأولى في الحياة. فهو يشعر بأنه في الحاضر الراهن ليس ما يمكن أن يكون عليه. ويلازمه هذا الشعور طالما أحس بالافتقار إلى شيء أو آخر ينقصه. وهذا ما يجعله يحتفظ «باللا» داخل وجوده، بذلك يكون السلب قد وجد في الإنسان قبل أن يوجد في المنطق الجدلي، وتكون هذه «اللا» هي المحرك الجدلي للواقع الطبيعي والوعي على السواء.
وإذا كانت الحاجة تلازم حياة الفرد على الدوام وتدفعه على العمل باستمرار، فقد كانت أيضا هي الدافع وراء سلوك الجنس البشري بأكمله. فالحاجة علمت الإنسان أن يفكر، وأن يصنع الأدوات، ويشعل النار، ويبني الأكواخ، والحاجة هي التي علمت البشر أن يتجمعوا في العشيرة والجماعة والدولة، والحاجة علمت الإنسان كذلك أن يدعو ويصلي كلما قصرت قواه وعجزت قدراته عن إشباع حاجاته. بذلك يكون «اللا-تملك» هو الدافع الأساسي وراء الحركة والتغيير، ويبقى «اللا» على الدوام متعلقا بالتملك الذي لم يتم الحصول عليه بعد، بحيث إن عدم التملك الذي يتصف دائما بالتكثف والنزوع هو الأصل المادي الديناميكي لكل ما يملك في المكان والزمان وهو الذي يدفع على الحركة ويغير الطبيعة، كما يفرض على الإنسان العمل على تغيير مادة التاريخ البشري.
3
إن «اللا» هي نوع من الفراغ أو الخواء، ولكنها في الوقت نفسه نوع من الاندفاع نحو الخروج من قبضة هذا الفراغ والخواء. فهي غير قادرة على أن تظل كامنة وموجودة في ذاتها، بل تسعى دائما للخروج من حالة الكمون، فكيف يتم لها ذلك؟ يتجلى هذا الخروج أو الاندفاع بوضوح في حالة الجوع أو الحرمان - كمثال يستشهد به بلوخ - حيث تتحول «اللا» إلى رعب من الفراغ
Horrar Vacut ، تتحول إلى حالة مقت شديد.
4
وتنطلق «اللا» الكامنة وتخترق الجوع لإشباعه. فهذا الجوع أو الحرمان أو الفراغ هو نقطة البداية لكل وجود مباشر. وتكمن البداية في ظلام «الوجود-هنا» الذي ما زال لم يتوسط مع ذاته.
إن الأصل والبداية لكل موجود هنا تكمن في الظلام الذي لم «يفض نفسه» أو لم يمر بعد بعملية التوسط الجدلي، أعني في ظلام «الآن» أو اللحظة المعيشة المباشرة. وليس هذا الظلام - الذي تبدأ منه كل حركة في العالم - بعيدا أو متواريا في ماض كوني سحيق القدم، وإنما هو ظلام مباشر وقريب وماثل في كل وجود «موجود هناك».
5
نامعلوم صفحہ