التصوير القرآني للقيم الخلقية والتشريعية

Ali Ali Subh d. Unknown
70

التصوير القرآني للقيم الخلقية والتشريعية

التصوير القرآني للقيم الخلقية والتشريعية

ناشر

المكتبة الأزهرية للتراث

اصناف

وأحيانًا تقتضي الموسيقى القرآنية حذف حرف غير مسبوق بجازم، للمفاجأة والسرعة إلى تحقيق الغاية من الرحلة، وهو اكتشاف الأستاذ ليتلقى العلم على يديه، فحذفت الياء من الفعل: "نبغي" في قوله تعالى: ﴿قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ [الكهف: ٦٤]، للإيقاع القرآني السريع المعجز في التصوير.
الأمة الواحدة: قال الله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ، وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٢، ٩٣] . الإعجاز في التصوير القرآني في الآيتين الكريمتين، جاء متنوعًا في مقوماته وعناصره التي تضفي عليه الجلال، فقد جاءت الصورة القرآنية الأولى على طريق الخطاب المباشر، فقد خاطب الله ﷿ أمته بقوله: "أمتكم -ربكم- فاعبدون"، أي: أنتم، ثم انتقل من الخطاب إلى أسلوب الغيبة في الصورة القرآنية الثانية في قوله تعالى: ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ -بَيْنَهُمْ- رَاجِعُونَ﴾، أي: هم. والأسرار البلاغية في هذا التصوير القرآني يعود إلى أمة الإسلام حين تتوحد، وتعتصم بكتاب الله ﷿، تكون قريبة من الرحمن تسعد بالشهود في حضرته، وتشرف بمخاطبته لهم فيكلمهم، ويتلقى منهم مباشرة، فينظر إليهم، ويتمتعون برؤيته بالبصيرة لا الباصرة، ولا يغيبون عنه سبحانه، فهم في مقام التكريم، لأنهم راشدون مصلحون في قوة وعزة، لترابطهم في أمة واحدة كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وغير ذلك مما تفيده بلاغة الخطاب بأنتم، وقيمه الخلقية السامية.

1 / 75