السنة والتشريع - موسى شاهين لاشين

Musa Shahin Lashin d. 1430 AH
53

السنة والتشريع - موسى شاهين لاشين

السنة والتشريع - موسى شاهين لاشين

ناشر

مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف هدية شهر شعبان ١٤١١ هـ

پبلشر کا مقام

مجلة الأزهر

اصناف

الرسول ﷺ يأمر أمَّتَهُ بغمسها كلها؟ وقد أمرهم أن يطيعوه، وقال: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾؟ (١). كيف يتركه يضر الأمَّة هذه الأضرار ثم يترك الرسول ﷺ يجلبها للناس أربعة عشر قرنا؟ كيف لم يتغاض الله والوحي عن عبوس وجه أعمى لا يتأثر بهذا العبوس، فأنزل قرآنًا يُتلى؟ ويتغاضى عن إيقاع الأمَّة كلها في حرج؟ أتعتقد أنَّ هذا يعقل؟ إني أعتقد أنه تشريع من الله، وبالايحاء والإملاء وليس بالتقرير، وهو تشريع حكيم لا شك في ذلك. ولنفهم الحديث فهمًا علميًا صحيحًا. الحديث: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لِيَنْزِعَهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْآخَرِ دَوَاءً، وَإِنَّهُ يَتَّقِى بِجَنَاحِهِ الَّذِى فِيهِ الدَّاءُ» (٢). حديث صحيح، يتكوَّنُ من فقرتين: فقرة الأمر والتوجيه: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لِيَنْزِعَهُ». وفقرة التعليل: «فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْآخَرِ دَوَاءً، وَإِنَّهُ يَتَّقِى بِجَنَاحِهِ الَّذِى فِيهِ الدَّاءُ». أما الفقرة الأولى فهي لم تأمر بطرح ذبابة واحدة في الإناء، وإنما تعالج حالة إذا وقعت لا حيلة للمرء في دفعها، «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ». أي رغمًا عنكم، ولم يكن لكم حيلة في

(١) [النساء: ٨٠]. (٢) رواه البخاري.

1 / 54