51

وكانوا يمثلونه على تمثال رجل ملتح يضع على رأسه تاجي القطرين، أي التاج الأحمر لمصر السفلى والتاج الأبيض لمصر العليا مجتمعين، ويجعلونه رئيس مجلس الآلهة باسم رع هيرختي أتوم

Ra-Herakhty-atum .

فهو رب أصيل وليس بالرب المستعار، ولا شبه بينه وبين أدوناي أو أدونيس - في صيغته اليونانية - لأن أدونيس رب الربيع والغرام يتخيلونه في ميسم الشباب ويزعمونه زوج فينوس أو الزهرة، ولا شيء من هذا في خصائص آتوم الذي يبدو على مثال الكهول ذوي اللحى، ويتقلد مفاتح الحكم والحكمة، ويرجع إلى مبدأ الخليقة حيث لا شيء غير الماء والظلام.

والأرباب الشمسيون أشبه بهياكل عين شمس لأنها أرباب أصيلة فيها لا تحتاج تلك الهياكل إلى استعارتها من ديانة أجنبية، ولا سيما الرب الذي يحمل تاجي القطرين ويرأس المحكمة الإلهية في السماء.

وقد كانت لظهور آتون تمهيدات لازمة لم تحدث في غير المملكة المصرية، وهي تمهيدات الإمبراطورية، وتمهيدات التنافس بين آمون ورع وفتاح وتمهيدات العبقرية التي تبشر بالدين الجديد.

وكانت لأتون خصائص متفردة لم يشركه فيها إله آخر من آلهة الأمم القريبة إلى مصر، وهذا هو المهم في نشوء الديانات وليس المهم مجرد التشابه في مخارج الحروف، فليس أدونيس عند اليونان كأدوناي عند العبريين، وليس هذا ولا ذاك كأتوم في معبد عين شمس أو غيره من المعابد المصرية، وليس هؤلاء جميعا كالإله آتون الذي دعا إليه إخناتون، فلا وجود لآتون بهذه الخصائص لو لم تسبقه التمهيدات القديمة التي مرت بعبادة آتوم في مصر، ومنها اتساع الدولة وإيمان المصريين بصفات رع وفتاح وآمون، وحاجة الزمن إلى فهم جديد لصفات الكمال في الإله، ثم عبقرية إخناتون التي تممت بابتكارها واجترائها ما بدأه التاريخ.

وقد كان عرب الجاهلية مثلا يعرفون اسم الله كما نعرفه اليوم، ولكن الله الذي وصفوه والله الذي وصفه الإسلام لا يتشابهان بغير الحروف، وبينهما من الفارق كما بين أبعد الأرباب. •••

على أن ويجال يقابل بين معاني إخناتون ومعاني المزمور فيرجح الاستعارة بينهما، ويعود فيرجح أن إخناتون كان في غنى عن الاستعارة لما طبع عليه من العبقرية الدينية وما اتسم به كلامه من طابع الابتكار.

وقد تناول العلامة «فرويد» مسألة المقابلة بين عقائد إخناتون والعقائد العبرية فألف آخر كتبه في موضوع هذه المقابلة وسماه «موسى والوحدانية»

Moses and monotheism

نامعلوم صفحہ