ولولا «الكليات» الممكنة لكانت الحادثة الجديدة تكرارا للحادثة السابقة بغير اختلاف، ولجاء التكرار آليا لا يوافق طبائع الأحياء.
تلك هي حقيقة الكون في مذهب هويتهيد وأساطين مدرسته التي تسمى تارة بمدرسة الكيان العضوي وتارة بمدرسة الواقعية الحديثة، فأين مكان الله من هذا الكون الذي يتخيله الفيلسوف؟ هل له مكان لازم فيه؟
نعم. له مكان لا تتم للكون حقيقة بغيره.
فتلك الكليات الممكنة ما الذي يقرر الخيرة بينها حين تصبح حادثة واقعة؟ تلك الكثرة المتعددة ما الذي يستخرج منها واقعة واحدة؟
هو الله.
وتلك الكيانات العضوية ما الذي يعادل بينها ويصاحب مرتقاها من تركيبة كاملة إلى تركيبة أكمل منها؟
هو الله.
ولكن الله في هذا الكيان العضوي الأعظم إنما يتولى التعديل والموازنة فيه على النحو الذي يتولاه دماغ البنية الحية، فهو يريد ويفعل، ولكنه لا يريد كل ما يشاء ولا يفعل كل ما يشاء، بل تأتيه دواعي الإرادة أحيانا من تلك البنية، كما تأتيه منها دواعي العمل وميسرات التدبير والتصريف.
وإذا التفتنا من البلاد الإنجليزية إلى البلاد الأمريكية قابلتنا هناك مذاهب فلسفية تلاقي المذاهب البريطانية في جانب وتفارقها في جانب آخر.
تلاقيها في فكرة الإلهية المقيدة وفي العجز عن التوفيق بين وجود الإله القادر على كل شيء ووجود الشر والألم في العالم، وتفارقها في تعليل المشكلة والتماس المخرج منها.
نامعلوم صفحہ