فأخرج الله سبحانه به نبات كلِّ شيءٍ، أي أخرج به جميع أنواع النبات، فلو أنك نظرت في القطعة الواحدة من الأرض التي غذاها الغيث، فإنَّك تجد فيها ما لا يحصى من النبات على شتى أنواعه وألوانه، وأخرج سبحانه من ذلك النبات خضرًا، عبَّر عن الخضرة التي اتَّصف بها النبات بقوله: ﴿خَضِرًا﴾، وخضرًا أرقُّ وألطف من كلمة: أخضر.
وأخبرنا العليم الخبير سبحانه أنَّه أخرج من ذلك النبات الخضر حبًا متراكبًا، وهذا الحبُّ المتراكب تراه فيما ينبته القمح والشعير والذرة ونحوها من السنابل، ويخرج من النخيل من طلعها قنوان دانيةٌ، والطَّلع أول ما يرى من عذق النخلة، الواحدة طلعةٌ، ويخرج لنا ربُّنا من طلع النخل قنونًا دانيةً، والقنوان العذق الذي يحمل الثَّمر، والعذق في النَّخلة بمثابة القطف من العنب، وهذه القنوان دانيةٌ، أي قريبة المتناول، وعندما نقف ننظر إلى النَّخل وقد تدلَّت قطوفه، وتهدَّلت، نراها كما وصف ربُّنا: ﴿قِنْوَانٌ دَانِيَة﴾.
هذا الذي سبق ذكره مشهد وصفه مليكنا سبحانه لأرضٍ أنبتت النبات، ومشهد آخر يريناه في قطعةٍ أخرى يتمثَّل في الجنَّات، وهي ﴿وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾ والجنات البساتين، وهي بساتينٌ من أعنابٍ، وقد يكون الشجر زيتونًا أو رمانًا، وما أنبته الله من النبات، وما أخرجه من أشجارٍ قد يكون مشتبهًا، وقد يكون غير متشابه، وقد يتشابه النبات، وقد تتشابه الأشجار، وقد يكون التشابه في الشجر، قد يكون التشابه في الثمر، وقد يكون في الطَّعم، وقد يختلف ذلك كله، فلا تشابه فيه.