الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
ناشر
دار القلم
ایڈیشن
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
پبلشر کا مقام
بيروت - لبنان
اصناف
قال المراغي: " هذا الأمر لبيان أن طور النعيم والراحة قد انتهى وجاء طور العمل، وفيه طريقان: هدى وإيمان، وكفر وخسران" (١).
واختلف في سبب تكرار الأمر بالهبوط، على وجوه (٢):
أحدها: قالوا: كرّره على جهة التغليظ وتأكيده؛ كما تقول لرجل: قُمْ قُمْ.
والثاني: وقيل: كرر الأمر لما علق بكل أمر منهما حكما غير حكم الآخر فعلق بالأول العداوة وبالثاني إتيان الهدى.
والثالث: وقيل: الهبوط الأول من الجنة إلى السماء والثاني من السماء إلى الأرض، وعلى هذا يكون فيه دليل على أن الجنة في السماء السابعة، ويضعف هذا الوجه قوله في الهبوط الأول ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ [البقرة: ٣٦] (٣).
والقول الثاني هو الأقرب، لأن الهبوط الأول دل على أن هبوطهم إلى دار بلية يتعادون فيها ولا يخلدون، والثاني أشعر بأنهم أهبطوا للتكليف، فمن اهتدى الهدى نجا ومن ضله هلك (٤).
قوله تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى﴾ [البقرة: ٣٨]، " أي: فإن يأتكم مني شريعة ورسول وبيان ودعوة" (٥).
قال السعدي: " أي: أيَّ وقت وزمان جاءكم مني -يا معشر الثقلين- هدى، أي: رسول وكتاب يهديكم لما يقربكم مني، ويدنيكم مني، ويدنيكم من رضائي" (٦).
وقال أبو العالية: " الهدى الأنبياء والرسل، والبيان" (٧).
وقال مقاتل بن حيان: "يعني بالهدى محمدا- ﷺ" (٨).
وقال الحسن: "الهدى: القرآن" (٩).
قال ابن عطية: " وفي قوله تعالى: ﴿مِنِّي﴾، إشارة إلى أن أفعال العباد خلق الله تعالى" (١٠).
وقوله تعالى ﴿َإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى﴾ [البقرة: ٣٨]، يحتمل ثلاثة أوجه (١١):
أحدها: معناه: رسول، أبعثه إليكم. قال ابن عطية: "وقالت فرقة: الهدى الرسل، وهي إلى آدم من الملائكة وإلى بنيه من البشر: هو فمن بعده" (١٢).
والثاني: كتاب، أنزله عليكم بدليل قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِاايَاتِنَآ﴾ [البقرة: ٣٩].
والثالث: وقيل: معنى قوله ﴿هُدىً﴾: بيان وإرشاد. روي عن أبي العالية (١٣) مثل ذلك.
قال ابن عطية: "والصواب أن يقال: بيان ودعاء" (١٤).
قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ﴾ [البقرة: ٣٨]، " أي: قبل أمري واتبع ما آمر به" (١٥).
(١) تفسير المراغي: ١/ ٩٢.
(٢) انظر: تفسير القرطبي: ١/ ٣٢٧، والتفسير البسيط: ٢/ ٤١٠.
(٣) ضعف أبو حيان هذا الوجه: لأن الله قال في الهبوط الأول: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾ ولم يحصل الاستقرار على هذا القول إلا بالهبوط الثاني فكان يمبغي أن يذكر الاستقرار فيه، وقال في الهبوط الثاني: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا﴾، وظاهر الضمير أنه يعود إلى الجنة. [أنظر: البحر: ١/ ١٦٧].
(٤) انظر: تفسير البيضاوي: ١/ ٧١.
(٥) التفسير البسيط: ٢/ ٤١٦.
(٦) تفسير السعدي: ٥٠.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٤١٩): ص ١/ ٩٣.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢٠): ص ١/ ٩٣.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢١): ص ١/ ٩٣.
(١٠) المحرر الوجيز: ١/ ١٣١.
(١١) أنظر: تفسير النسفي: ١/ ٦٠.
(١٢) المحرر الوجيز: ١/ ١٣١.
(١٣) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٢٢): ص ١/ ٩٣.
(١٤) المحرر الوجيز: ١/ ١٣١.
(١٥) التفسير البسيط: ٢/ ٤١٦.
2 / 203