الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
ناشر
دار القلم
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
پبلشر کا مقام
بيروت - لبنان
اصناف
ولهذا تَحَرَّج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به، كما روى شعبة، عن سليمان، عن عبد الله بن مرة، عن أبي مَعْمَر، قال: قال أبو بكر الصديق، ﵁: أيّ أرض تقلّني وأي سماء تظلني؟ إذا قلت في كتاب" الله ما لا أعلم" (١).
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثنا محمد بن يزيد، عن العَوَّام بن حَوْشَب، عن إبراهيم التَّيْمِي، أن أبا بكر الصديق سئل عن قوله: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١]، فقال: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني؟ إذا أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم. منقطع (٢).
وقال أبو عبيد أيضًا: "حدثنا يزيد، عن حميد، عن أنس، أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١]، فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها، فما الأبّ؟ ثم رجع إلى نفسه فقال: إن هذا لهو التكلف يا عمر" (٣).
وقال عَبْد بن حُمَيْد: "حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس، قال: كنا عند عمر بن الخطاب، ﵁، وفي ظهر قميصه أربع رقاع، فقرأ: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ فقال: ما الأب؟ ثم قال: إن هذا لهو التكلف فما عليك ألا تدريه" (٤).
وهذا كله محمول على أنهما، ﵄، إنما أرادا استكشاف علم كيفية الأب، وإلا فكونه نبتا من الأرض ظاهر لا يجهل، لقوله: ﴿فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا﴾ الآية [عبس: ٢٧، ٢٨].
وأخرج الطبري بسنده الصحيح عن ابن أبي مُلَيْكَة: "أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها" (٥).
وقال أبو عبيد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، قال: "سأل رجل ابن عباس عن ﴿يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [السجدة: ٥]، فقال له ابن عباس: فما ﴿يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤]؟ فقال له الرجل: إنما سألتك لتحدثني. فقال ابن عباس: هما يومان ذكرهما الله تعالى في كتابه، الله أعلم بهما. فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم" (٦).
وأخرج - أيضًا - ابن جرير الطبري: عن مَهْدي بن ميمون، عن الوليد بن مسلم، قال: "جاء طَلْق بن حبيب إلى جُنْدُب بن عبد الله، فسأله عن آية من القرآن؟ فقال: أحرِّج عليك إن كنت مسلمًا إلا ما قمتَ عني، أو قال: أن تجالسني" (٧).
وقال مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب: "إنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن، قال: لا أقول في القرآن شيئًا" (٨).
_________
(١) رواه الطبري في تفسيره (٧٩): ص (١/ ٧٨).
(٢) فضائل القرآن (ص ٢٢٧) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (١٠/ ٥١٣) عن محمد بن عبيد عن العوام بن حوشب به.
(٣) فضائل القرآن (ص ٢٢٧) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (١٠/ ٥١٢) عن يزيد به، ورواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٥١٤) من طريق يزيد عن حميد به، وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
(٤) ورواه ابن سعد في الطبقات (٣/ ٣٢٧)، ورواه البخاري في صحيحه برقم (٧٢٩٣) عن سليمان بن حرب به مختصرًا ولفظه: "نهينا عن التكلف".
(٥) تفسير الطبري (٩٨): ص ١/ ٨٦.
(٦) فضائل القرآن: ٢٢٨.
(٧) تفسير الطبري (٩٩): ص ١/ ٨٦.
(٨) رواه الطبري في تفسيره (٩٣): ص ١/ ٨٥، من طريق ابن وهب عن مالك به.
1 / 12