الإمام المازري
الإمام المازري
ناشر
دار الكتب الشرقية
پبلشر کا مقام
تونس.
اصناف
فأجاب المازري عن هذا الاعتراض البارد بقوله: «الأَشْيَاءُ التِي تَفْتَقِرُ فِيهَا إِلَى تَفْصِيلٍ قَلَّمَا يُوجَدُ فِيهَا مِثْلُ مَا يُوجَدُ فِي صِنَاعَةِ الطُّبِّ؛ فَإِنَّ المَرِيضَ المُعَيَّنَ يَجِدُ الشَّيْءَ دَوَاءً لَهُ فِي سَاعَةٍ، ثَمَّ يُصِيرُ دَاءً لَهُ فِي السَّاعَةِ التِي تَلِيهَا لِعَارَضٍ يَعْرِضُ لَهُ، فَيَنْتَقِلُ عِلاَجُهُ إِلَى شَيْءٍ آخر بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ مِمَّا لاَ يُحْصَى كَثْرَةً؛ وَقَدْ يُكُونُ الشَّيْءُ شِفَاءً فِي حالَةٍ وَفِي شَخْصٍ فَلاَ يُطْلَبُ الشِّفَاءُ بِهِ فِي سَائِرِ الأَحْوَالِ وَلاَ فِي كُلِّ الأَشْخَاصِ، وَأَهْلُ الرَّأْيِ مِنَ الأَطِبَّاءِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ العِلَّةَ المُعَيَّنَةَ يَخْتَلِفُ عِلاَجُهَا بِاِخْتِلاَفِ السِّنِّ وَالزَّمَانِ وَالعَادَةِ وَالهَوَاءِ وَتَدْبِيرِ المَأْلُوفِ؛ فَإِذَا عَلِمَتْ هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الإِسْهَالَ يَعْرِضُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، وَلَوْ كَانَ كِتَابُنَا هَذَا كِتَابَ طِبٍّ لاسْتَوْفَيْنَا ذِكْرَهَا، فَمِنْهَا الإِسْهَالُ الحادِثُ عَنْ التُّخَمِ وَالهَيْضَاتِ، وَالأَطِبَّاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ عِلاَجَهُ بتَرْكِ الطَّبِيعَةِ وَفِعْلِهَا، وَإِنْ اِحْتَاجَتْ إِلَى مُعِينٍ عَلَى الإِسْهَالِ أُعِينَتْ مَا دَامَتْ القُوَّةُ بَاقِيَةً، وَحَسْبُهُ ضَرَرَ وَاِسْتِعْجالَ مَرَضٍ؛ فَهَذَا الرَّجُلُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إِسْهَالُهُ مِنْ اِمْتِلاءٍ وَهَيْضَةٍ، فَدَوَاؤُهُ تَرْكَهُ وَالإِسْهَالَ، أَوْ تَقْوِيَتَهُ. وَيَجِبُ حِينَئِذٍ الإِشَارَةُ عَلَيْهِ
1 / 70