[والأمر الثاني: أن الأولين يدعون مع الله أناسًا مقربين عند الله إما أنبياء وإما أولياء وإما ملائكة ويدعون أشجارًا وأحجارًا مطيعة لله ليست عاصية، وأهل زماننا يدعون مع الله أناسًا من أفسق الناس، والذين يدعونهم هم الذين يحكون عنهم الفجور من الزنا، والسرقة، وترك الصلاة، وغير ذلك (١) والذي يعتقد في الصالح، والذي لا يعصي مثل الخشب والحجر أهون ممن يعتقد فيمن يشاهد فسقه وفساده ويشهد به.]
[إذا تحققت] أن الذين قاتلهم رسول الله ﷺ أصح عقولًا وأخفُّ شركًا من هؤلاء فاعلم أن لهؤلاء شبهة يُوردونها على ما ذكرنا، وهي من أعظم شبههم فأصغ سمعك لجوابها وهي أنهم يقولون: إن الذين نزل فيهم القرآن لا يشهدون أن لا إله إلا الله، ويكذبون الرسول، وينكرون البعث، ويكذِّبون القرآن ويجعلونه سحرًا، ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ونصدِّق القرآن، ونؤمن بالبعث، ونصلي، ونصوم فكيف تجعلوننا مثل أولئك؟
فالجواب أنه لا خلاف بين العلماء كلهم أن الرجل إذا صدَّق رسول الله ﷺ في شيء وكذبه في شيء أنه كافر لم يدخل في الإسلام، وكذلك إذا آمن ببعض القرآن وجحد بعضه،
(١) بل آل الأمر إلى أنهم يحكون هذه القبائح ويعدونها من الكرامات كما يفعله الشعراني في كتبه.