اللآلئ المضیئہ - الجزء الاول
الجزء الأول
اصناف
وروي أن أبرهة هذا لما بنى كنيسته وهي القليس في صنعاء، وأراد أن يصرف الحج إليها غضب بعض العرب، وتغوط رجل منهم من بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة فوقها، وقيل لإبرهة صنع هذا رجل من أهل هذا البيت الذي يحج العرب إليه، فغضب أبرهة وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه ، ثم سار وخرج معه بالفيل فسمعت بذلك العرب فأعظموه ورأو دهاده حقا عليهم، فخرج إليه رجل كان من أشراف أهل اليمن وملوكهم، يقال له: ذو نفر، فدعا قومه ومن أطاعه من سائر العرب فقاتله بمن أجابه، فهزم ذو نفر وأصحابه، وأسر ذو نفر وهم بقتله، ثمتركه معه ومضى أبرهة على وجهه، حتى إذا كان في أرض (خثعم) عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلة خثعم ومن تبعه من قبائل العرب فقاتل أبرهية فهزمهم أبرهة وأسر نفيل، فلما أراد قتله قال: لا تقتلني أيها الملك فإني دليلك بأرض العرب فهاتان يدي لك على قبيلتي خثعم بالسمع والطاعة فخلى سبيله، وخرج معه يدله، حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن يغيث بن مالك الثقفي في رجال ثقيف، فقالوا له: أيها الملك، إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون، ليس عندنا لك خلاف، وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد(2) يعنون اللات والعزى، إنما تريد البيت ب(مكة)، ونحن نبعث معك من يدلك عليه فبعثوا معه أبا رغال فنزل المغمس فمات أبو رغال هنالك فرجمت العرب قبره، ولما نزل أبرهة المغمس بعث رجلا من (الحبشة) يقال له: الأسود بن مقصود، يروى بالصاد(3) المعجمة والمهملة على خيل له، حتى انتهى إلى (مكة) فساق إليه أموال أهل تهامة من قريش وغيرهم، وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم كبير قريش وسيدها، وبعث أبرهة خياطة الحميري إلى أهل (مكة) وقال له: سل عن سيد أهل هذه البلد وشريفهم؟ ثم قل له: إن الملك يقول: إني ما آت لحربكم إنما جئت لهدم هذا البيت، فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي في دمائكم فإنه لم يزدجربي فأتني به فأبلغ خياطة عبد المطلب ما أمره به أبرهة، فقال له عبد المطلب: والله، ما نريد حربه ومالنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم أو كما قال، فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، ثم انطلق معه عبد المطلب ومعه بعض بنيه، حتى أتى العسكر ، وكان عبد المطلب أجمل الناس خلقا وأوسمه وأعظمه، فلما رأه أبرهة أجله وأعظمه وأكرمه عن أن يجلسه تحته، وكره أن تراه الحبشة يجلسه معه على سرير ملكه فنزل أبرهة عن سريره وجلس على بساطه وأجلسه(1) إلى جنبه، القصة، إلى أن قال: فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عنهم، ولا يهدم البيت فأبى ورد أبرهة على عبد المطلب الإبل فلما انصرف عبد المطلب إلى قريش أخبرهم [الخبر](2) وأمرهم بالخروج من (مكة) والتحرز في شعف الجبال والشعاب خوفا عليهم من معرة الجيش(3)، فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة وهيأ فيله وعبأ جيشه وكان إسم الفيل محمودا، فلما وجهوا الفيل إلى مكة أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى جنب الفيل، ثم أخذه بأذنه، وقال: أبرك محمودا وارجع راشدا من حيث جئت، فإنك في بلد الله الحرام، ثم أرسل أذنه فبرك الفيل، وخرج نفيل بن حبيب يشتد(4) حتى أصعد [في](5) الجبل، وضربوا الفيل ليقوم فأبى فأدخلوا محاجن في مراقه فنزعوه بها ليقوم فأبى، فوجهوه إلى اليمن فقام يهرول، ووجهوه إلى الشام ففعل، ووجهوه إلى المشرق ففعل كذلك، ووجهوه إلى (مكة) فبرك، فأرسل الله طيرا من البحر.
صفحہ 103