وهكذا توفرت كل الأسباب الداعية إلى اعتبار يوم 25 ديسمبر/ك1 بمثابة يوم ميلاد يسوع المسيح. وهذا ما أقره قسطنطين عندما قدس يوم الأحد الذي كان يوما مقدسا عند طائفة ميثرا وجعله يوم عبادة وراحة للمسيحيين بدل يوم السبت اليهودي، كما قدس يوم 25 ديسمبر باعتباره يوم ميلاد المسيح، وهو يوم ميلاد ميثرا وبقية الآلهة الشمسية. ففي هذا اليوم تبلغ الشمس أقصى مدى لها في الميلان عن كبد السماء ويبلغ النهار أقصى مدى له في القصر، ثم تأخذ في الارتفاع تدريجيا كل يوم ويأخذ النهار في الزيادة على حساب الليل. لقد انتصرت الشمس التي لا تقهر.
بعد نحو عقدين على وفاة قسطنطين أقر البابا ليبيريوس في عام 353م يوم 25 ديسمبر باعتباره التاريخ المعتمد لميلاد المسيح.
15
يسوع في الفكر اليهودي
والتجديف على مريم
عندما أخذت الحركة المسيحية الناشئة تنتشر بين صفوف اليهود، سواء داخل فلسطين أم في المغتربات اليهودية بآسيا الصغرى ومصر واليونان وإيطاليا، لم يعمد الفكر اليهودي إلى مواجهتها بالجدل اللاهوتي والفلسفي، وإنما بإطلاق الشائعات التي تتهم السيدة مريم بالزنى وتصف ابنها بأنه ساحر مشعوذ. فمنذ القرن الثاني الميلادي عرض لنا الكاتب سيلسوس الخصم اللدود للمسيحية في كتابه «الكلمة الصادقة» وجهة النظر اليهودية عن يسوع وأمه مريم، والتي تلخصها هذه الفقرة من الكتاب، أوردها الكاتب المسيحي أوريجين في مؤلفه ضد سيلسوس: «كان يسوع ابنا لامرأة غزالة فقيرة تدعى مريم، وهي زوجة لرجل يعمل في مهنة النجارة، ولكنها لم تنجب بكرها يسوع منه وإنما من جندي روماني فار من الخدمة يدعى بانتر. وعندما كبر يسوع سافر إلى مصر حيث اشتغل عاملا مياوما وتعلم هناك فنون السحر، وعندما عاد إلى فلسطين أعلن نفسه إلها، وجمع حوله أكثر الناس بؤسا وإحباطا وراح يجوب في شتى أنحاء فلسطين. ولما كشف اليهود حقيقة أمره طاردوه، ولكنه هام متخفيا عن الأعين إلى أن تم القبض عليه بخيانة من تلاميذه. وبعد أن نفذ به حكم الإعدام سرق تلاميذه جثمانه وادعوا بأنه قام من بين الأموات.» «وقد أورد حاخامات التلمود اليهودي خبرا مشابها عن يسوع الذي دعوه ابن بانتر، وقالوا إن أمه مريم كانت تعمل ندافة، وأنها أنجبته من عشيقها الوثني بانتر. وقد سافر إلى مصر وتعلم هناك فنون السحر. وعندما عاد حوكم وأعدم رجما بالحجارة ثم علق على خشبة عشية عيد الفصح.»
1
وقد أشار مؤلفو التلمود في سياقات مختلفة بعد ذلك إلى يسوع تحت اسم يسوع بن بانتر أو ابن بانتيرا.
وقد ابتعث اليهود أسطورة الجندي بانتر أو بانتيرا في العصر الحديث عندما اكتشفت مقبرة رومانية في ألمانيا عام 1859م (في بنغر بروك عند التقاء نهر ناهي مع نهر الراين)، احتوت على عدة قبور لجنود رومان، على أحدها شاهدة قبر لجندي فينيقي خدم طيلة حياته في الجيش الروماني، نقشت عليها الكتابة التالية: «هنا يرقد تيبيريوس أبديس بانتيرا جندي من الكتيبة الأولى للرماة. من صيدا، عمره اثنان وستون عاما. خدم مدة أربعين سنة.»
2
نامعلوم صفحہ