الف لیلہ و لیلہ فی ادب
الرواية الأم: ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية ودراسة في الأدب المقارن
اصناف
ويهمنا هنا أيضا التناول الأدبي والقصصي للأحلام؛ ذلك أن الكتابات الأدبية قد احتوت منذ القدم على مدخل الأحلام، ولا يزال هذا المدخل يتواجد في الكتابات المعاصرة. وقلما تخلو سيرة حياة أدبية، أو مذكرات ويوميات، من تسطير أحلام هامة رآها الكاتب وأراد أن يسطرها في كتاباته؛ وأحيانا أخرى تشكل الأحلام كتبا مستقلة بذاتها. ومن أوائل من سطر أحلامه في مذكراته أو يومياته الإنجليزي «صمويل بيبس» قديما، وحديثا - نوعا ما - فرانز كافكا، الذي احتوت مذكراته على أحلام كثيرة يوردها في ثنايا المذكرات، وهي ذات دلالة هامة في تتبع حياة الكاتب وهمومه وشواغله في الفترات التي كان يدون فيها تلك الأحلام.
ومن ناحية أخرى، هناك أعمال أدبية أوروبية تقوم على الأحلام في المقام الأول. فالكوميديا الإلهية يفترض أنها رؤيا من الرؤى لمؤلفها دانتي. وحديثا، صاغ جيمس جويس كتابه الأخير «فنجانز ويك» بوصفه حلما معقدا للبشرية كلها متمثلة في شخصية
HERE COMES EVERYBODY
الذي يرمز للبشر أجمعين. والكتاب كله حلم طويل، كما أن ألف ليلة وليلة تشبه الحلم المتواصل الحلقات.
وقد امتلأت أعمال الرومانسيين الأدبية بالأحلام وذكرها، فلدينا أهم مثل عليها في قصيدة كولردج «قبلاي خان» الذي يذكر أن سطورها قد جاءت له في المنام، وأنه أسرع بعد اليقظة بتدوينها بصورة تلقائية، إلى أن قطع عليه الوحي أحد الزوار، ولم يتمكن بعد ذلك من تذكر بقية الحلم. كذلك أورد «دي كوينسي» بعض أحلامه، وإن كانت تحت تأثير المخدر الذي كان يتعاطاه وكتب عنه في مؤلفه «مذكرات متعاطي الأفيون». ويذكر روبرت لويس ستيفنسون أن حبكة روايته الشهيرة «دكتور جيكل ومستر هايد» قد جاءته في أحد أحلامه حين كان في أمس الحاجة إلى الكتابة.
وثمة مثال أساسي نثبته هنا مفصلا نظرا لأهميته وصلته بالموضوع، هو الحلم الغريب الذي أثبته الشاعر الرومانسي وليام وردزورث في «المقدمة» وجمع فيه على نحو مثير بين العرب وسرفانتس ودون كيشوت، وهو الشاعر الذي تأثر كثيرا في طفولته وشبابه بحكايات ألف ليلة وليلة. والحلم ورد في الكتاب الخامس من المقدمة في صياغتها الأخيرة عام 1850م، حين يصف الكاتب غفوة انتابته بينما كان يقرأ دون كيشوت على شاطئ البحر ويحلم الحلم التالي:
رأيت منبسطا أمامي،
سهلا مترامي الأطراف.
من برية رملية،
ترين عليها الظلمة والفراغ.
نامعلوم صفحہ