ائتني بعجل سمين فأتاني بولدي المسحور عجلا فلما رآني ذلك العجل قطع حبله وجاءني وتمرغ علي وولول وبكى فأخذتني الرأفة عليه وقلت للراعي ائتني ببقرة ودع هذا. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. فقالت لها أختها: ما أطيب حديثك وألطفه وألذه وأعذبه فقالت: وأين هذا مما أحدثكم به الليلة القابلة إن عشت وأبقاني الملك فقال الملك في نفسه: والله ما أقتلها حتى أسمع بقية حديثها ثم أنهم باتوا تلك الليلة إلى الصباح متعانقين فخرج الملك إلى محل حكمه وطلع الوزير بالكفن تحت إبطه ثم حكم الملك وولي وعزل إلى آخر النهار ولم يخبر الوزير بشيء من ذلك فتعجب الوزير غاية العجب ثم انفض الديوان ودخل الملك شهريار قصره.
وفي الليلة الثانية
وقالت دنيازاد لأختها شهرزاد: يا أختي أتممي لنا حديثك الذي هو حديث التاجر والجني. قالت حبا وكرامة إن أذن لي الملك، في ذلك، فقال لها الملك: احكي، فقالت: بلغني أيها الملك السعيد، ذو الرأي الرشيد أنه لما رأى بكاء العجل حن قلبه إليه وقال للراعي: ابق هذا العجل بين البهائم. كل ذلك والجني يتعجب من حكاية ذلك الكلام العجيب ثم قال صاحب الغزالة: يا سيد ملوك الجان كل ذلك جرى وابنة عمي هذه الغزالة تنظر وترى وتقول اذبح هذا العجل فإنه سمين، فلم يهن علي أن أذبحه وأمرت الراعي أن يأخذه وتوجه به، ففي ثاني يوم وأنا جالس وإذا بالراعي أقبل علي وقال: يا سيدي إني أقول شيئا تسر به ولي البشارة. فقلت: نعم فقال: أيها التاجر إن لي بنتا كانت تعلمت السحر في صغرها من امرأة عجوز كانت عندنا، فلما كنا بالأمس وأعطيتني العجل دخلت به عليها فنظرت إليه ابنتي وغطت وجهها وبكت ثم إنها ضحكت وقالت: يا أبي قد خس قدري عندك حتى تدخل علي الرجال الأجانب. فقلت لها: وأين الرجال الأجانب ولماذا بكيت وضحكت? فقالت لي أن هذا العجل الذي معك ابن سيدي التاجر ولكنه مسحور وسحرته زوجة أبيه هو وأمه فهذا سبب ضحكي وأما سبب بكائي فمن أجل أمه حيث ذبحها أبوه فتعجبت من ذلك غاية العجب وما صدقت بطلوع الصباح حتى جئت إليك لأعلمك فلما سمعت أيها الجني كلام هذا الراعي خرجت معه وأنا سكران من غير مدام من كثرة الفرح والسرور والذي حصل لي إلى أن أتيت إلى داره فرحبت بي ابنة الراعي وقبلت يدي ثم إن العجل جاء إلي وتمرغ علي فقلت لابنة الراعي: أحق ما تقولينه عن ذلك العجل? فقالت: نعم يا سيدي إيه ابنك وحشاشة كبدك فقلت لها: أيها الصبية إن أنت خلصتيه فلك عندي ما تحت يد أبيك من المواشي والأموال فتبسمت وقالت: يا سيدي ليس لي رغبة في المال إلا بشرطين: الأول: أن تزوجني به والثاني: أن أسر من سحرته وأحبسها وإلا فلست آمن مكرها فلما سمعت أيها الجني كلام بنت الراعي قلت: ولك فوق جميع ما تحت يد أبيك من الأموال زيادة وأما بنت عمي فدمها لك مباح.
فلما سمعت كلامي أخذت طاسة وملأتها ماء ثم أنها عزمت عليها ورشت بها العجل وقالت:
صفحہ 6