وهكذا إلى نهاية الحصة، حتى تتدلى الألسنة من الأفواه وتتجمع الرغاوي، وتتشقق الحلوق وتتقطع الأنفاس، ولا يجرؤ واحد أن يقول آه أو لا.
عقل سليم جسم سليم، هكذا كان يقول. رياضة يعني رياضة. عايزين رجالة مش حريم. دلع مش عايز دلع. كلمة واحدة أقطم رقبتك. بص قدامك. لم نفسك. تخشب. التمرين الأول ابتدي.
وكان الطلبة حين تنتهي الحصة يقضون بقية اليوم في ترميم أنفسهم والتماس النقاهة، ويقضون بقية الأسبوع في تمن أن ينسف الطوربيد مدرستهم على الأقل قبل حلول حصة الألعاب التالية.
وفوجئ الطلبة ذات يوم بخبر نقل مدرس الألعاب ومجيء مدرس جديد. ولم يتحمس الطلبة للخبر؛ فكل المدرسين كانوا لديهم سواء. كلهم رجال كبار حكماء معصومون من الخطأ وأذكياء جدا، ومتعلمون بغزارة، وبعيدون عنهم تماما هم الصغار الحمقى الجهلاء الذين تكمن فيهم كل العيوب، والذين لا يفعلون سوى ارتكاب الأخطاء تلو الأخطاء.
وجاءت حصة الرياضة البدنية.
ودخل الحصة شاب لا لحية له ولا شارب، ولا يرتدي رباط عنق، وإنما وضع ياقة القميص فوق الجاكتة وفتح صدره. وعادة المدرسين أن تكون الياقة منطبقة على العنق وعلى رباط العنق تمام الانطباق.
وغادروا الفصل، وهبطوا السلالم، وخلعوا الجاكتات، ووقفوا كما كانوا يقفون، وراحوا يؤدون التمرين الأول كما كانوا يؤدونه أيام المدرس السابق.
غير أنه لم تكد تمضي دقيقة واحدة حتى طلب منهم المدرس أن يتوقفوا. وفعلوا هذا مستغربين، وقال المدرس: اسمعوا يا جماعة، أنا أحب الصراحة وانتم واضح من حركاتكم إن ما عندكوش أي حماس للعب. فبصراحة مين فيكم يحب يلعب؟ اللي عايز يلعب يرفع إيده.
لم يكن المدرس نفسه يعلم ماذا دعاه لإلقاء هذا السؤال، لعله خاطر عن له، لعله لم يقصد.
ورفع الطلبة كلهم أيديهم مخافة أن تكون خدعة مقصودا بها كشف الذين لا يريدون؛ فمدرس الفرنساوي عودهم أن يبتسم للواحد منهم ويعطيه الزيرو.
نامعلوم صفحہ