الأسلوب
الأسلوب
ناشر
مكتبة النهضة المصرية
ایڈیشن نمبر
الثانية عشرة ٢٠٠٣
اصناف
لاحق، والأدب فن إنشائي إيجابي ينتج هذه القطع الممتازة التي نظفر بها بصدق الشعور وحسن التفكير والتعبير، ولكن النقد فن وصفي سلبي في أصله، يقوم بمحاسبة الأدب المنشئ، وكثيرًا ما يستحيل فنًّا نافعا يرشد الأدباء كما تقوم بذلك البلاغة.
وقد زها النقد الأدبي منذ العصر الجاهلي وتواردت عليه فيما بعد جهود النحاة واللغويين والأدباء١، وألفت فيه كتب شتى تجمع مسائل مختلطة بغيرها من مسائل النحو والبلاغة والسير والأنساب. وكان الذوق هو الحكم الأول في ناحيته الفنية وإن حاول بعض المحدثين أن يضعوا له قوانين عامة تشبه القوانين العلمية٢.
٥- ولقد كان النقد الأدبي من أهم العوامل في إيجاد البلاغة وذلك أن هذه الملاحظات والأحكام النقدية أفادت جماعة العلماء فأحالوها قوانين وأصولا، ودونوها في فصول مختلطة بالنقد حينًا ومنفصلة أخيرًا، حتى كان أساسًا صالحًا لتكوين قواعد بلاغية قامت بوظيفتها فيما مضى وهي الآن آخذة في الاكتمال لعلها تنهض بالواجب عليها من الآن.
ومن يقرأ المؤلفين في هذا الباب من عهد الجاحظ المتوفى سنة ٣٥٥هـ، وابن المعتز ٩٣٦هـ، وقدامه ٣١٠هـ، والعسكري ٣٥٠هـ، وعبد القاهر الجرجراني ٣١٧هـ، والثعالبي ٤٢٩هـ، وابن رشيق ٤٦٣هـ، إلى الزمخشري ٥٣٨هـ، والسكاكي ٦٢٦هـ. يتراءى له مما قلنا من أن النقد كان عاملا هاما في هذا التقنين البياني: وأن هذين العلمين -أو الفنين- قد عاشا مختلطين لم ينفصلا إلا بعد جهد عنيف: وهذا الاختلاط بين مسائلهما طبعي ما دام موضوعهما واحدًا هو النصوص الأدبية من حيث توافر الجمال والتأثير. فالبلاغة ترشدنا بقواعدها
_________
١ تاريخ النقد الأدبي عند العرب للمرحوم الأستاذ طه إبراهيم.
٢ أصول النقد الأدبي للمؤلف.
1 / 14