فضحك الرجل مرة أخرى، ثم قال: آمنا بهذا أيضا، ولكن ما الذي وضع كل هذا في شملتك؟
فلم أجد للرجل جوابا، فقلت في صراحة: أما هذا فقد فاجأتني قبل أن أفكر فيه.
فانفجر الرجل بالضحك انفجارا عجيبا حتى كاد يقع على الأرض، ثم أقبل نحوي فحمل الشملة بيديه وألقاها على كتفي قائلا: بارك الله لك فيها يا جحا، وحاذر أن تطيرها العاصفة عن كاهلك.
ثم فتح لي باب البستان فخرجت منه مغتبطا حزينا.
ولما عدت إلى بيتي وجدت أبا النور ما زال جالسا في انتظاري، فحدثته بأمري، وقد لمحت الدمع ينحدر فوق خديه وهو قائم لينصرف عني.
أي صديقي، ليس في طاقة إنسان أن يفعل ما فعلت.
إنك تواسيني بصمتك ودمعك خيرا مما واسيتني بقمحك ولحمك، ولا أملك إلا أن أشكرك من قلب جريح.
الفصل العاشر
لا تحمل الأنباء إلينا إلا كل منذر بكارثة. وهل عجب أن يرسل الله الكوارث على بلد مثل ماهوش؟
خرج تيمور بجيوشه فاجتاح أقصى ريفها وأدناه، وخرج علاء الدين من خوفه يهرب في البلاد طريدا ذليلا. ويلاه، إن علاء الدين طريد بعد أن خرج من عاصمته وقصره، فأين أنت يا علية ابنة علاء الدين؟ لقد أنساني هم الحياة أن أخلو إلى خيالك وأسمو معه إلى سموات العلا. فأين أنت في مصاب ماهوش؟ أبكت عيناك حزنا؟ أعصر قلبك هما؟ وهل امتلأ صدرك فزعا؟ أنظرت إليك العيون بغير ستر، وتشتت عنك الحراس والحجاب؟ ليتك لم تكوني سوى هذا الخيال الذي في فؤادي فلا تصل إليك الأيدي، ولا تدنو منك حوادث الدهر. لقد جنى عليك أنك في ماهوش، فكان لك مصير أهل ماهوش.
نامعلوم صفحہ