فقلت: نعم، هو «البطل الصامت»، وأحب منك إذا عدت إلى ذكره مرة أخرى ألا تسبه فتدعوه «حمارا».
فتبسم الرجل ولمعت عينه خبثا، ثم قال: سأفعل يا سيدي، وإذا شئت فقم إليه فخذ رأيه.
فلم أبال خبثه، وقمت إلى المذود فمسحت رأس البطل الصامت وظهره، فرفع رأسه إلي وجعل يتشممني، فملت عليه وسألته بصوت مسموع: أتحب أن تخدم هذا الجار الذي عرفته؟
ولست أدري ماذا فهم البطل الصامت من قولي، ولكنه نظر إلى الحاج جمال الدين وأخذ ينهق نهيقا عاليا.
فقلت لجاري: إنه لا يرضى.
فقال الجار وقد لمعت عيناه بخبث أشد: ألا تسأله عن السبب؟
فملت على البطل الصامت فهمست له همسة، ثم رفعت رأسي.
فقال الحاج: بماذا أجابك؟ أراك تفهم لغته.
فلم أبال سخريته وقلت له: لقد قال لي إنه سمع في صباه حكمة من شيخ في قومه.
فضحك الرجل ضحكة مبتذلة، ولكني لم ألتفت إليه وقلت في غير تردد: خير لك أن تأخذ الحكمة حيث تجدها. «حمار ما هو لك ظهره شديد.»
نامعلوم صفحہ