Alam al-Jinn wa al-Shayatin
عالم الجن والشياطين
ناشر
مكتبة الفلاح
ایڈیشن نمبر
الرابعة
اشاعت کا سال
١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م
پبلشر کا مقام
الكويت
اصناف
الفصل الثالث العداء بين الإنسان والشيطان
المبحث الأول
أسباب العداء وتاريخه وشدة هذا العداء
العداء بين الإنسان والشيطان عداء بعيد الجذور، يعود تاريخه إلى اليوم الذي صور الله فيه آدم، قبل أن ينفخ فيه الروح، فأخذ الشيطان يطيف به، ففي صحيح مسلم عن أنس: أنّ رسول الله ﷺ قال: (لما صوّر الله آدم في الجنة، تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يُطيف به، ينظر ما هو، فلما رآه أجوف، عرف أنه خلق خلقًا لا يتمالك) (١) .
فلما نفخ الله في آدم الروح، وأمر الملائكة بالسجود لآدم، وكان إبليس يتعبد الله مع ملائكة السماء، فشمله الأمر، ولكنه تعاظم في نفسه واستكبر، وأبى السجود لآدم: (قال أنا خيرٌ منه خلقتني من نَّارٍ وخلقته من طينٍ) [الأعراف: ١٢] .
لقد فتح أبونا آدم عينيه، فإذا به يجد أعظم تكريم، يجد الملائكة ساجدين له، ولكنّه يجد عدوًا رهيبًا يتهدده وذريته بالهلاك والإضلال.
وطرد الله الشيطان من جنة الخلد بسبب استكباره، وحصل على وعد من الله بإبقائه حيًّا إلى يوم القيامة: (قال أنظرني إلى يوم يبعثون - قال إنَّك من المنظرين) [الأعراف: ١٤-١٥]، وقد قطع اللعين على نفسه عهدًا بإضلال بني آدم: (قال فبما أغويتني لأقعدنَّ لهم صراطك المستقيم - ثُمَّ لآتِيَنَّهُم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شَمَآئِلِهِمْ ولا تجد أكثرهم شاكرين) [الأعراف: ١٦-١٧] .
وقوله هذا يصور مدى الجهد الذي يبذله لإضلال بني آدم، فهو يأتيه من كل طريق، عن اليمين وعن الشمال، ومن الأمام ومن الخلف؛ أي من جميع الجهات، قال الزمخشري
_________
(١) رواه مسلم: ٤/٢٠١٦، ورقمه: ٢٦١١.
1 / 53