وعلى المعاد الجسماني. وعلى ان القرآن وحي إلهي. وعلى صدق الرسول في دعوته فلا يكاد يوجد في شيء من هذه الحجج خلل عرفاني او وهن أدبي او شائبة اختلاف او شائنة من تناقض. فإذا فرضت أي بشر يكون في ذلك العصر المظلم ومثلت نشأته وتربيته بين الأعراب الوحشيين الوثنيين في تلك البلاد الماحلة من كل تعليم والقاحلة من كل فضيلة في المعارف وانه لم يتعاط تعلما ولا تأدبا على معلم ولا قراءة مكتوب ولا دراسة كتاب علمت انه يمتنع عليه في العادة بما هو بشر وبلا وحي إلهي اليه أن يأتي ببيان المعارف الصحيحة والمناقضة للجهل العام في عصره وبيئته وقومه ويحتج عليها بتلك الحجج النيرة القيمة على ذلك المنهاج الممتاز بفضيلته
وإن شئت أن تزداد بصيرة فيما ذكرناه فانظر الى ما في الأناجيل مما نسبته الى احتجاجات المسيح وحاشا قدسه منه ومما ذكرته من الحجج الساقطة الفاسدة على أمور أكثرها ضلال او غلط كالاحتجاج على تعدد الآلهة وعلى تعدد الأرباب. وعلى المنع من الطلاق. وانظر الى ما اشتملت عليه من الغلط والتحريف. نعم ذكرت الاحتجاج على القيامة من الأموات ولكن ماذا جاءت به من الغلط والخبط في الحجة واحوال القيامة. وإن شئت الاطلاع على شيء من ذلك فانظر في الجزء الأول من كتاب الهدى صفحة 112 116 و197 و205 والجزء الأول من الرحلة المدرسية صفحة 73 و32 39.
اعجازه من وجهة الاستقامة والسلامة من الاختلاف والتناقض
قد خاض القرآن الكريم في فنون المعارف والإصلاح مما يتخصص فيه الممتازون بالرقي في أبواب الفلسفة والسياسة والخطابة والإصلاح من علم اللاهوت او الأخلاق او التشريع المدني والتنظيم الإداري او الفن الحربي. او البشرى والترغيب بالجزاء او الإنذار والتهديد بالنكال. او الحجج والأمثال. او تذكرة المواعظ والعبر. وجرى من ذلك في الميادين الشريفة بأحسن أسلوب وأقوم منهج وبلغ في جميع ذلك أكرم الغايات وأعلاها في الرقي وهو يكرر بحسب الحكمة كثيرا من قصصه ومقاصده وفي جميع ذلك لم تشنه زلة اختلاف ولا عثرة تناقض ولا وهن اضطراب ولا سقوط حجة ولا فساد مضمون ولا سخافة بيان. وها هو بارز في جميع العالم لكل من يريد الهدى والفحص والتدبر ينادي بابهة الافتخار وجمال السداد وشوكة الاستظهار ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) (1) أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله
صفحہ 12