30

الوجيز في فقه الإمام الشافعي

الوجيز في فقه الإمام الشافعي

تحقیق کنندہ

علي معوض وعادل عبد الموجود

ناشر

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1418 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

فلما سمع ابن تُومَرْت بهذا الاسْمِ، تَجَدَّدَ له ذِكْرُ اسْمِ المَوْضِعِ الذي رَآهُ في الكتاب، فقصده مع أصحابه.

فلما أَتَوْهُ، وراهم أَهْلُ ذلك المَكَانِ على تلك الصورة، فَعَلِمُوا أنهم طُلَّابُ عِلْمٍ، فتلقُّوهم، وأكرموهم، وأنزلوهم.

وبلغ المَلِكَ سَفَرُهم، فسُرَّ بذلك.

وتَسَامَعَ أَهْلُ الجَبَلِ بِوُصُولِ ابن تُومَرْت، فَجَاءُوهُ من النواحي يَتَبَرَّكُونَ به.

وكان كلُّ من أَتَاهُ اسْتَدْنَاهُ، وعَرَضَ عليه ما في نفسه، فإن أجابه أَضَافَهُ إلى خَواصِّهِ، وإن خالفه أَعْرَضَ عنه.

وكثرتْ أَتْبَاعُهُ.

ومن كلام عبد الواحد بن على التَّمِيميّ المَرَّاكُشِيّ، صاحب كتاب(( المعجب)) أن ابن تُومَرْت لما ركب البَحْرَ، وأخذ يُنْكِرُ على أهل المَرْكَبِ ما يراه من المَنَاكر، أَلَقُوه في البَحْرِ، وأقام نِصْفَ يوم يجري في المَاءِ مع السَّفِينَةِ، ولم يَغْرَقْ، فأنزلوا إليه من أَطْلَعَهُ، وعَظَّمُوهُ إلى أن نزل بـ ((بجاية))، ووعظ بها، ودرَّس، وحصل له القَبُولُ، فأمره صاحِبُها بالخروج منها خَوْفاً منه، فخرج، ووقع بعبد المؤمن، وكان بارعاً في خَطِّ الرَّمل، ووقع بجَفْرٍ فيما قيل، وصحبهما من مَلَّالة عبد الواحد المَشْرِقِيّ، فتوجه الثلاثة إلى أقصى المغرب.

وقيل: إنه لَقِيَ عبد المؤمن ببلاد(( مَتِّيجة))، فرآهُ يُعَلِّمُ الصِّبيَانَ، فَأَسَرَّ إليه، وعَرَّفَهُ بالعَلَامَاتِ.

وكان عبد المؤمن قد رَأَىْ رُؤْيَا، وهي أنه يأكلُ مع أمير المُسْلمين علي بن يُوسُفَ، في صَحْفَةٍ، قال: ثم زاد أَكْلِي على أَكْلِهِ، ثم اختطفتُ الصَّحْفَةَ منه، فَقَصَصْتُهَا على عَابِرٍ، فقال: هذه لا ينبغي أن تكون لَكَ، إنما هي لرجل ثَائِرٍ يَثُورُ على أَمِيرِ المسلمين، إلى أن يغلب على بِلاَدِهِ.

وسار ابن تُومَّرْت إلى أن نَزَلَ في مَسْجدٍ بظاهرِ(( تلمسان))، وكان قد وَضَعَ له هَيْبةً في النُّفُوسِ، وكان طويل الصَّمْتِ، كَثِيرَ الانْقِبَاضِ، إذا انفصل عن مَجْلِسِ العلم لا يكاد يتكلم.

أخبرني شَيْخٌ عن رَجْلٍ من الصالحين كان مُعْتَكِفاً في ذلك المسجد، أن ابْنَ تُومَزْت خرج ليلة فقال: أین فلان؟

قالوا: مَسْجُون.

فَمَضَى من وقته ومعه رَجُلٌ، حتى أتى باب المدينة، فَدَقَّ على البَوَّابِ دَقّاً عنيفاً، ففتح له بُسْرَعَةٍ، فدخل حتى أتى الحَبْسَ، وابتدَر إليه السَّجَّانون يَتَمَسَّحُونَ به، ونادى: يا فلان. فأجاب: فقال: اخرج. فخرج، والسَّجَانون بَاهِتُونَ لا يمنعونه، وخرج به حتى أتى المَسْجِدَ.

وكانت هذه عَادَتَهُ في كل ما يريد، لا يتَعَذَّرُ عليه، قد سُخِّرَتْ له الرجال.

وعَظُم شأنُه بـ(( تِلْمِسَانَ)) إلى أن انْفصل عنها، وقد استخْوَذ على قُلُوبٍ كبرائِها، فأتى(( فَاسَ))

30