Al-Wajeez An-Nafees fi Ma'rifat At-Tadlees
الوجيز النفيس في معرفة التدليس
اصناف
ومنه قول ابن حبان في إسماعيل بن أوسط البجلي: (والي الكوفة لا يصح له صحبة لصحابي وتلك كلها أخبار مدلسة لا أعتمد على شيء منها) (١).
فالرجل ليس مدلسًا، ولم يصفه أحد من الأئمة بالتدليس، لأنه لم يثبت له سماع أصلًا من الصحابة، وإنما حديثه من قبيل المرسل الخفي، فلا يطلب له سماع! وإنما يبحث عنه في كتب المراسيل.
لذا فلا يصح أن نصف كل من وصفه الأئمة بالتدليس بأنه مدلس –عندنا- بل يجب تدقيق النظر، ومن ذلك الإمام النسائي مثلا حينما يذكر راويًا في كتابه (المدلسين)،فلا يعني به أنه (يروي عمن سمع منه ما لم يسمع)،بل قد يريد به المرسل الخفي أو من يروي عمن لم يعاصر أصلا؟
وإن تعجب فعجب قول سبط ابن العجمي:" اعلم أنه لا يدخل في المدلسين القسم الذين أرسلوا، وقد ذكر منهم العلائي في كتاب المراسيل جملة وزدت أنا جملة ذكرتهم على هوامش كتابه، لكن الفرق بين التدليس وبين الإرسال الخفي أنّ الإرسال رواية الشخص عمن لم يسمع منه. قال أبو بكر البزار: إنّ الشخص إذا روى عمن لم يدركه بلفظ موهم فان ذلك ليس بتدليس على الصحيح المشهور" (٢).
ثم تراه يذكر الحسن البصري –مثلًا- في كتابه التبيين ويقول:" من المشهورين بالتدليس " (٣).
وكذا فعل العلائي من قبله (٤) وابن حجر من بعده (٥)،في حين أنّ الحافظ ابن حجر لما فرق بين المرسل الخفي والتدليس مثل للمرسل الخفي بالحسن البصري، فقال:" المرسل الخفي: ولا يعرفه إلا المدقق في هذه الصناعة، ومن أمثلته أنهم اختلفوا في سماع الحسن من أبي هريرة وورد في بعض الروايات: عن الحسن حدثنا أبو هريرة " فقيل أراد حدث أهل بلدنا وهذا إذا لم يقم دليل قاطع على أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة لم يجز أن يضاف إليه" (٦).
(١) مشاهير علماء الأمصار ص ١٦٣،وينظر أيضًا للمزيد الصفحات: (١٧٩و١٩١و١٩٢و١٩٥).
(٢) التبيين في أسماء المدلسين ص ٣٦.
(٣) المصدر نفسه.
(٤) جامع التحصيل في أحكام المراسيل ص ١٦١.
(٥) طبقات المدلسين ص ٢٩.
(٦) النكت على ابن الصلاح ٢/ ٢١٠.
1 / 31