Kitāb al-Talwīḥ fī Kashf Ḥaqāʾiq al-Tanqīḥ
التلويح في كشف حقائق التنقيح
ناشر
مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر
ایڈیشن نمبر
١٣٧٧ هـ
اشاعت کا سال
١٩٥٧ م
پبلشر کا مقام
مصر
اصناف
اصول فقہ
وَتَفْرِيعَاتٍ مُرَصَّصَةٍ بَعْدَ ضَبْطِ الْأُصُولِ وَتَرْتِيبٍ أَنِيقً لَمْ يَسْبِقْنِي عَلَى مِثْلِهِ أَحَدٌ مَعَ تَدْقِيقَاتٍ غَامِضَةٍ لَمْ يَبْلُغْ فُرْسَانُ هَذَا الْعِلْمِ إلَى هَذَا الْأَمَدِ سَمَّيْت هَذَا الْكِتَابَ بِالتَّوْضِيحِ فِي حَلِّ غَوَامِضِ التَّنْقِيحِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى مَسْئُولٌ أَنْ يَعْصِمَ عَنْ الْخَطَأِ وَالْخَلَلِ كَلَامَنَا وَعَنْ السَّهْوِ وَالزَّلَلِ أَقْلَامَنَا وَأَقْدَامَنَا.
﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: ١٠] افْتَتَحَ بِالضَّمِيرِ قَبْلَ الذِّكْرِ لِيَدُلَّ عَلَى حُضُورِهِ فِي الذِّهْنِ، فَإِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى كَيْفَ لَا يَكُونُ فِي الذِّهْنِ سِيَّمَا عِنْدَ افْتِتَاحِ الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ﴾ [الإسراء: ١٠٥] وَقَوْلُهُ ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾ [الواقعة: ٧٧] وَقَوْلُهُ الطَّيِّبُ صِفَةُ الْكَلِمِ. وَالْكَلِمُ إنْ كَانَ جَمْعًا وَكُلُّ جَمْعٍ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدَةٍ بِالتَّاءِ يَجُوزُ فِي وَصْفِهِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ نَحْوُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ وَنَحْوُ
ــ
[التلويح]
الْوُجُوهِ وَالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِي عِلْمِ الْمِيزَانِ لَا كَمَا هُوَ دَأْبُ قُدَمَاءِ الْمَشَايِخِ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى حُصُولِ الْمَقْصُودِ.
قَوْلُهُ (وَتَرْتِيبٍ أَنِيقً) أَيْ: حَسَنٍ مُعْجِبٍ يُرِيدُ بِهِ بَعْضَ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ مِنْ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي الْمَبَاحِثِ وَالْأَبْوَابِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَحْسَنِ الْأَلْيَقِ لَمْ يَسْبِقْنِي وَالصَّوَابُ لَمْ يَسْبِقْنِي إلَى مِثْلِهِ سَبَقْت الْعَالَمِينَ إلَى الْمَعَالِي.
١ -
قَوْلُهُ (لَمْ يَبْلُغْ) صِفَةُ تَدْقِيقَاتٍ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَمْ يَبْلُغْهَا فُرْسَانُ عِلْمِ الْأُصُولِ إلَى هَذِهِ الْغَايَةِ مِنْ الزَّمَانِ أَوْ الْمُرَادُ لَمْ يَصِلْ فُرْسَانُ هَذَا الْعِلْمِ إلَى تِلْكَ الْغَايَةِ مِنْ التَّدْقِيقِ فَيَكُونُ مِنْ وَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ وَتَعْدِيَةُ الْبُلُوغِ بِإِلَى لِجَعْلِهِ بِمَعْنَى الْوُصُولِ وَالِانْتِهَاءِ.
قَوْلُهُ (سَمَّيْت هَذَا الْكِتَابَ) جَوَابٌ لَمَّا وَضَعَ اسْمَ الْإِشَارَةِ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ لِكَمَالِ الْعِنَايَةِ بِتَمْيِيزِهِ، فَإِنْ قُلْتَ: لَمَّا لِثُبُوتِ الثَّانِي لِثُبُوتِ الْأَوَّلِ فَيَقْتَضِي سَبَبِيَّةَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَ لَمَّا لِتَسْمِيَةِ هَذَا الْكِتَابِ بِالتَّوْضِيحِ فَمَا وَجْهُهُ قُلْتُ: وَجْهُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي إتْمَامِهِ لِلشَّرْحِ الْمَذْكُورِ الْمَوْصُوفِ بِأَنَّهُ شَرْحٌ لِمُشْكِلَاتِ التَّنْقِيحِ وَفَتْحٌ لِمُغْلَقَاتِهِ وَإِتْمَامُ مِثْلِ هَذَا الشَّرْحِ مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَى الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ يَصْلُحُ سَبَبًا لِتَسْمِيَتِهِ بِالتَّوْضِيحِ فِي حَلِّ غَوَامِضِ التَّنْقِيحِ.
قَوْلُهُ (إلَيْهِ يَصْعَدُ) افْتِتَاحٌ غَرِيبٌ وَاقْتِبَاسٌ لَطِيفٌ أَتَى بِالضَّمِيرِ قَبْلَ الذِّكْرِ دَلَالَةً عَلَى حُضُورِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ سِيَّمَا عِنْدَ افْتِتَاحِ الْكَلَامِ فِي أُصُولِ الشَّرْعِ وَإِشَارَةً إلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُتَعَيِّنٌ لِتَوَجُّهِ الْمَحَامِدِ إلَيْهِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى التَّصْرِيحِ بِذِكْرِهِ وَلَا يَذْهَبُ الْوَهْمُ إلَى غَيْرِهِ، إذْ لَهُ الْعَظَمَةُ وَالْجَلَالَةُ وَمِنْهُ الْعَطَاءُ وَالنَّوَالُ وَإِيمَاءً إلَى أَنَّ الشَّارِعَ فِي الْعُلُومِ الْإِسْلَامِيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَطْمَحُ نَظَرِهِ وَمَقْصِدُ هِمَّتِهِ جَنَابَ الْحَقِّ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ وَيَقْتَصِرُ عَلَى طَلَبِ رِضَاهُ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى مَا سِوَاهُ لَا يُقَالُ: إنْ ابْتَدَأَ الْمَتْنَ بِالتَّسْمِيَةِ فَلَا إضْمَارَ قَبْلَ الذِّكْرِ، وَإِنْ لَمْ يَبْدَأْ لَزِمَ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَكْفِي فِي الْعَمَلِ بِالسُّنَّةِ أَنْ تُذْكَرَ التَّسْمِيَةُ بِاللِّسَانِ أَوْ تَخْطُرَ بِالْبَالِ أَوْ تُكْتَبَ عَلَى قَصْدِ التَّبَرُّكِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُجْعَلَ جُزْءًا مِنْ الْكِتَابِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ يَكُونُ الْإِضْمَارُ قَبْلَ ذِكْرِ الْمَرْجِعِ فِي الْكِتَابِ، وَالصُّعُودُ الْحَرَكَةُ إلَى الْمَعَالِي مَكَانًا وَجِهَةً
1 / 6