Al-Sunnah and Its Importance by Al-Siba’i, Islamic Office Edition
السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي
ناشر
المكتب الإسلامي
ایڈیشن نمبر
الثالثة
اشاعت کا سال
١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م (بيروت)
اصناف
وقد أخبر الله في كتابه الكريم عن مهمة الرسول بالنسبة للقرآن أنه مُبَيِّنٌ له وَمُوَضّحٌ لمراميه وآياته، حيث يقول الله تعالى في كتابه: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (١)، كما بيّن أن مهمته إيضاح الحق حين يختلف فيه الناس: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (٢). وأوجب النزول على حكمه في كل خلاف: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (٣). وأخبر أنه أوتي القرآن والحكمة ليعلم الناس أحكام دينهم فقال: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ﴾ (٤).
وقد ذهب جمهور العلماء وَالمُحَقِّقِينَ إلى أن الحكمة شيء آخر غير القرآن، وهي ما أطلعه الله عليه من أسرار دينه وأحكام شريعته، ويعبر العلماء عنها بِالسُنَّةِ، قال الشافعي ﵀: «فَذَكَرَ اللهُ الكِتَابَ وَهُوَ القُرْآنُ، وَذَكَرَ الحِكْمَةَ فَسَمِعْتُ مَنْ أُرْضَى مِنْ أَهْلِ العِلْمِ بِالقُرْآنِ يَقُولُ: " الحِكْمَةُ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ "، وَهَذَا يُشْبِهُ مَا قَالَ وَاللهُ أَعْلَمُ، لأَنَّ القُرْآنَ ذُكِرَ وَأُتْبِعَتْهُ الحِكْمَةَ، وَذَكَرَ اللهُ مَنَّهُ عَلَىَ خَلْقِهِ بِتَعْلِيمِهِمْ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ، فَلَمْ يَجُزْ - وَاللهُ أَعْلَمُ - أَنْ يُقَالَ الحِكْمَةُ هُنَا إِلاَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا مَقْرُونَةٌ مَعَ الكِتَابِ، وَأَنَّ اللهَ افْتَرَضَ طَاعَةَ رَسُولِهِ، وَحَتَّمَ عَلَى النَّاسِ اتِّبَاعَ أَمْرِهِ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِقَوْلٍ، فُرِضَ إِلاَّ لِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ لِمَا وَصَفْنَاهُ مِنْ أَنَّ اللهَ جَعَلَ الإِيمَانَ مَقْرُونًا بِالإِيمَانِ بِهِ» (٥)
_________
(١) [سورة النحل، الآية: ٤٤].
(٢) [سورة النحل، الآية: ٦٤].
(٣) [سورة النساء، الآية: ٦٥].
(٤) [سورة آل عمران، الآية: ١٦٤].
(٥) " الرسالة " للشافعي: ص ٧٨.
1 / 50