26

Sirat Ibn Hisham

السيرة النبوية لابن هشام

تحقیق کنندہ

طه عبد الرؤوف سعد

ناشر

شركة الطباعة الفنية المتحدة

بَاعُوهُمَا بِنَجْرَانَ، وَأَهْلُ نَجْرَانَ يَوْمَئِذٍ عَلَى دِينِ الْعَرَبِ، يَعْبُدُونَ نَخْلَةً طَوِيلَةً بَيْنَ أظهرِهم لَهَا عِيدٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ، إذَا كَانَ ذَلِكَ الْعِيدُ عَلَّقُوا عَلَيْهَا كُلَّ ثَوْبٍ حَسَنٍ وَجَدُوهُ، وحُليّ النِّسَاءِ، ثُمَّ خَرَجُوا إلَيْهَا، فَعَكَفُوا عَلَيْهَا يَوْمًا.
فَابْتَاعَ فَيْمِيونَ رجلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، وَابْتَاعَ صَالِحًا آخرُ، فَكَانَ فيمِيون إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ -يَتَهَجَّدُ فِي بَيْتٍ لَهُ أَسْكَنَهُ إيَّاهُ سَيِّدُهُ- يُصَلِّي، اُسْتُسْرِجَ لَهُ البيتُ نُورًا حَتَّى يُصْبِحَ مِنْ غَيْرِ مِصْبَاحٍ، فَرَأَى ذَلِكَ سَيِّدُهُ، فَأَعْجَبَهُ مَا يَرَى مِنْهُ، فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِ فَأَخْبَرَهُ بِهِ، وَقَالَ لَهُ فَيْمِيُونُ: إنَّمَا أَنْتُمْ فِي بَاطِلٍ، إنَّ هَذِهِ النَّخْلَةَ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْ دَعَوْتُ عَلَيْهَا إلَهِي الَّذِي أَعْبُدُهُ، لَأَهْلَكَهَا وَهُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: فَافْعَلْ، فَإِنَّكَ إنْ فَعَلْتَ دَخَلْنَا فِي دِينِكَ، وَتَرَكْنَا مَا نَحْنُ عَلَيْهِ. قَالَ فَقَامَ فَيْمِيون، فَتَطَهَّرَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عَلَيْهَا، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهَا رِيحًا فَجَعَفَتْها١ مِنْ أَصْلِهَا فَأَلْقَتْهَا، فاتَّبعه عِنْدَ ذَلِكَ أَهْلُ نَجْرَانَ عَلَى دِينِهِ، فَحَمَلَهُمْ عَلَى الشَّرِيعَةِ مِنْ دِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﵇، ثُمَّ دَخَلَتْ عَلَيْهِمْ الْأَحْدَاثُ الَّتِي دَخَلَتْ عَلَى أَهْلِ دِينِهِمْ بِكُلِّ أَرْضٍ، فَمِنْ هُنَالِكَ كَانَتْ النَّصْرَانِيَّةُ بِنَجْرَانَ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَهَذَا حَدِيثُ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّه عن أهل نجران.
خبر عبد الله بن الثامر
عبد الله بن الثامر والاسم الْأَعْظَمُ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَحَدَّثَنِي أَيْضًا بَعْضُ أَهْلِ نَجْرَانَ عَنْ أَهْلِهَا: أَنَّ أَهْلَ نَجْرَانَ كَانُوا أَهْلَ شِرْكٍ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ، وَكَانَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهَا قَرِيبًا مِنْ نَجْرَانَ -وَنَجْرَانُ: الْقَرْيَةُ الْعُظْمَى الَّتِي إلَيْهَا جِمَاعُ أَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ- سَاحِرٌ يُعَلِّمُ غِلْمَانَ أَهْلِ نَجْرَانَ السِّحْرَ، فَلَمَّا نَزَلَهَا فَيْمِيون -وَلَمْ يُسَمُّوهُ لِي بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، قَالُوا: رَجُلٌ نَزَلَهَا- ابْتَنَى خَيْمَةً بَيْنَ نَجْرَانَ، وَبَيْنَ تِلْكَ الْقَرْيَةِ الَّتِي بِهَا السَّاحِرُ، فَجَعَلَ أَهْلُ نَجْرَانَ يُرْسِلُونَ غِلْمَانَهُمْ إلَى ذَلِكَ السَّاحِرِ، يُعَلِّمُهُمْ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إلَيْهِ الثامرُ ابنَه عبدَ اللَّهِ بْنَ الثَّامِرِ مَعَ غِلْمَانِ أَهْلِ نَجْرَانَ، فَكَانَ إذَا مَرَّ بِصَاحِبِ الْخَيْمَةِ أَعْجَبَهُ مَا يَرَى مِنْهُ مِنْ صَلَاتِهِ وَعِبَادَتِهِ، فَجَعَلَ يَجْلِسُ إلَيْهِ، وَيَسْمَعُ مِنْهُ حَتَّى أَسْلَمَ فوحَّد

١ جعفتها: أسقطتها.

1 / 28