45

Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه

ناشر

دار الفكر العربي

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1398 ہجری

مجلد في التفسير ينسب إليه، ولقد وصفه عبد الله بن مسعود بأنه ترجمان القرآن، وقد سئل ابن عمر عن معنى آية، فقال لسائله انطلق إلى ابن عباس فاسأله، فإنه أعلم من بقي مما أنزل الله على خاتم النبيين، وعن عطاء ما رأيت قط أكرم من مجلس ابن عباس، وأكثرهم فقهاً وأعظمهم خشية، إن أصحاب الفقه عنده وأصحاب القرآن عنده، وأصحاب الشعر عنده، يصدرهم كلهم عن واد واحد، وعن الأعمش: خطب ابن عباس وهو على المرسم، فجعل يقرأ ويفسر فجعلت أقول لو سمعته فارس والروم لأسلمت.

نشأ الشافعي في مكة، حيث كان علماؤها أو بعضهم متأثرين بطريقة عبد الله بن عباس، وطريقة فهمه للدين، فكانت مكة مكان حضانته وتربيته، ثم كانت مكان درسه، وهو يرسم حدود طريقته، ومسالك خطته، ولعله كان في ذلك الإبان يترسم طريق ابن عباس، ويأخذ نفسه بسمتها ويربي نفسه على نحو مثاله، فإن النابغة من النبغاء يكون له، وهو يعمل في تكوين نفسه مثال كامل من العلم والفكر والخلق، يترسم طريقه ويتبع خطاه، يكون بين أنفسهما مواءمة، وبين استعدادهما تقارب، ومزايا ابن عباس كانت في ذلك الإبان تنشر وتذكر، ويتحدث العلماء والمؤرخون، ويخبرون عنها لمكان دولة الهاشميين، وإن الماثلة كانت قائمة في الحملة، فالشافعي كان فصيح البيان، كما كان ابن عباس من قبل، وكان يعني بعلم القرآن كما عني ابن عباس وأجاد، وكان يعني بالشعر كما يعني بالفقه كما فعل ابن عباس، ثم كان يحصر دروسه وطالبو القرآن، وطالبو الحديث، وطالبو الفقه، ورواة الشعر والعربية، كما كان الشأن مع ابن عباس، فهل لنا أن نعتقد أن الشافعي جعل من ابن عباس مثله الكامل، وترسم خطاه، وسار في مثل سبيله، وسواء أصح ذلك الفرض أو لم يصح، فمن المؤكد أن الشافعي بدراسته في مكة وإقامته بها قد استفاد علماً لم يكن بالعراق ولا بالمدينة، وهو الأخذ بطريقة ابن عباس في العناية بدراسة القرآن، والعناية بمجمله ومفصله، ومطلقه

45