24

Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه

ناشر

دار الفكر العربي

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1398 ہجری

١٦ - كان قدوم الشافعي بغداد في هذه المحنة سنة ١٨٤، أي وهو في الرابعة والثلاثين من عمره، ولعل هذه المحنة التي نزلت به ساقها الله إليه ليتجه إلى العلم لا إلى الولاية وتدبير شؤون السلطان، فإنها قد وجهته إلى العلم يدرسه ويدارسه ويذاكره، ويخرج للناس الأثر الخالد من الفقه والتخريج، ذلك بأنه نزل عند محمد بن الحسن، وكان من قبل يسمع باسمه وفقهه، وأنه حامل فقه العراقيين وناشره، بل لعله التقى به من قبل.

أخذ الشافعي يدرس فقه العراقيين، فقرأ كتب الإمام محمد وتلقاها عليه وبذلك اجتمع له فقه الحجاز وفقه العراق، اجتمع له الفقه الذي يغلب عليه النقل، والفقه الذي يغلب عليه العقل وتخرج بذلك على فحول الفقه في زمانه. ولقد قال في ذلك ابن حجر: انتهت رياسة الفقه بالمدينة إلى مالك بن أنس فرحل إليه ولازمه وأخذ عنه. وانتهت رياسة الفقه بالعراق إلى أبي حنيفة، فأخذ عن صاحبه محمد بن الحسن حملاً، ليس فيه شيء إلا وقد سمعه عليه، فاجتمع علم أهل الرأي، وعلم أهل الحديث، فتصرف في ذلك حتى أصل الأصول، وقعد القواعد، وأذعن له الموافق والمخالف، واشتهر أمره، وعلا ذكره، وارتفع قدره حتى صار منه ما صار.

أخذ الشافعي من علم محمد بن الحسن وكتبه ونقل عنه، وقيد ما نقل، حتى لقد قال: حملت عن محمد بن الحسن وقر بعير ليس عليه إلا سماعي منه، وكان يجل محمد بن الحسن ويكبره، ويرى فيه أستاذه، ويثني عليه وعلى علمه وأناته، حتى لقد قال فيه: ما رأيت أحداً سئل عن مسألة فيها نظر، إلا رأيت الكراهة في وجهه إلا محمد بن الحسن، وروى عنه الحديث ولم يقتصر على تلقي الرأي عنه، ففي الأم: أنبأنا محمد بن الحسن عن يعقوب بن إبراهيم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب)).

وكان محمد يعطيه من كرم المنزلة ما هو له أهل، حتى كان يفضل مجلسه

24