75

Al-Sabr in Hadith Studies

السبر عند المحدثين

ناشر

مكتبة دار البيان

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

پبلشر کا مقام

دمشق

اصناف

على رجلٍ منْ أهلِ البَصرَةِ حديثًا، فغضِبَ لهُ جماعَةٌ، فأتَوهُ، فقالُوا: «يَا أبا سعيدٍ! منْ أينَ قلتَ هذا في صاحبِنَا؟ قالَ: فغضبَ عبدُ الرحمنِ بنُ مهديٍّ، وقالَ: «أَرَأَيتَ لَو أَنَّ رَجُلًا أَتَى بِدِينَارٍ إلى صَيرَفِيٍّ، فَقَالَ: انْتَقِدْ لِي هَذَا. فَقَالَ: هُوَ بَهْرَجٌ. يَقُولُ لَهُ: مِنْ أَينَ قُلْتَ لي إِنَّهُ بَهرَجٌ؟ اِلزَمْ عَمَلِي هَذَا عِشْرِينَ سَنَةً، حَتَّى تَعْلَمَ مِنْهُ مَا أَعْلَمْ» (^١). وقالَ الخطيبُ «ت ٤٦٣ هـ»: «أَشْبَهُ الأَشْيَاءِ بِعِلْمِ الحَدِيثِ مَعْرِفَةُ الصَّرْفِ وَنَقْدِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، يَعْرِفُهُ النَّاقِدُ عِنْدَ المُعَايَنَةِ، فَيَعْرِفُ البَهْرَجَ الزَّائِفَ وَالخَالِصَ والمَغْشُوشَ، وَكَذَلِكَ تَمْيِيزُ الحَدِيثِ، فَإِنَّهُ عِلْمٌ يَخْلُقُهُ اللهُ تَعَالَى فِي القُلُوبِ، بَعْدَ طُولِ المُمَارَسَةِ لَهُ، والاِعْتِنَاءِ بِهِ» (^٢). فطولُ المذاكرةِ والممارسةِ لكلامِ النَّبيِّ ﷺ تُحدِثُ مَلَكَةً عندَ الرَّاوِي في تَمييزِ كلامِهِ ﷺ منْ كلامِ غيرِهِ، قالَ أبو حاتِمٍ الرَّازِيُّ «ت ٢٧٧ هـ»: «وَتُعْرَفُ جَودَةُ الدِّينَارِ بِالقِيَاسِ إِلَى غَيرِهِ، فَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي الحُمْرَةِ وَالصَّفَاءِ عُلِمَ أَنَّهُ مَغْشُوشٌ، وَيُعْلَمُ صِحَّةُ الحَدِيثِ بِعَدَالَةِ نَاقِلِيهِ، وَأَنْ يَكُونَ كَلامًَا يَصْلُحُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ كَلامَ النُّبُوَّةِ» (^٣). ٣ - قَصْرُ تَعْلِيلِ المُحَدِّثِينَ لِلْحَدِيثِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، دُونَ الجَهَلَةِ فِي أُصُولِ وَقَوَاعِدِ هَذَا العِلْمِ: لعمقِ علمِ العللِ عندَ المحدِّثينَ نهى نُقَّادُ الحديثِ عنْ شرحِ كثيرٍ منْ عِللِ الأحاديثِ إلا عندَ أهلِ الحديثِ، لما يُخشَى منْ شرحِ ذلكِ على غيرِ أهلِ الحديثِ أنْ يكونَ سببًا في أنْ يَفْتِنُوا أو يُفْتَنُوا. قالَ أبو داودَ «ت ٢٧٥ هـ» في «رسالتِهِ إلى أهلِ مكَّةَ»: «وَرُبَّما

(^١) الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٢٥٦. (^٢) المصدر ذاته ٢/ ٢٥٥. (^٣) الجرح والتعديل ١/ ٣٥١.

1 / 79