Ar-Risalah at-Tadmuriyyah

ابن تيمية d. 728 AH
21

Ar-Risalah at-Tadmuriyyah

الرسالة التدمرية

ناشر

المطبعة السلفية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1399 ہجری

پبلشر کا مقام

القاهرة

لَا تَتَغَيَّرُ، فَالْمُحِيطُ هُوَ الْعُلُوُّ وَالْمَرْكَزُ هُوَ السُّفْلُ، مَعَ أَنَّ وَجْهَ الْأَرْضِ الَّتِي وَضَعَهَا اللَّهُ لِلْأَنَامِ، وَأَرْسَاهَا بِالْجِبَالِ، هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ وَالْبَهَائِمُ وَالشَّجَرُ وَالنَّبَاتُ، وَالْجِبَالُ وَالْأَنْهَارُ الْجَارِيَةُ. فَأَمَّا النَّاحِيَةُ الْأُخْرَى مِنْ الْأَرْضِ فَالْبَحْرُ مُحِيطٌ بِهَا، وَلَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَمَا يَتْبَعُهُمْ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ هُنَاكَ أَحَدًا لَكَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَلَمْ يَكُنْ مَنْ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ تَحْتَ مَنْ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ، وَلَا مَنْ فِي هَذِهِ تَحْتَ مَنْ فِي هَذِهِ، كَمَا أَنَّ الْأَفْلَاكَ مُحِيطَةٌ بِالْمَرْكَزِ، وَلَيْسَ أَحَدُ جَانِبَيْ الْفَلَكِ تَحْتَ الْآخَرِ، وَلَا الْقُطْبُ الشَّمَالِيُّ تَحْتَ الْجَنُوبِيِّ، وَلَا بِالْعَكْسِ. وَإِنْ كَانَ الشَّمَالِيُّ هُوَ الظَّاهِرُ لَنَا فَوْقَ الْأَرْضِ وَارْتِفَاعُهُ بِحَسَبِ بُعْدِ النَّاسِ عَنْ خَطِّ الِاسْتِوَاءِ، فَمَا كَانَ بُعْدُهُ عَنْ خَطِّ الِاسْتِوَاءِ ثَلَاثِينَ دَرَجَةً مَثَلًا كَانَ ارْتِفَاعُ الْقُطْبِ عِنْدَهُ ثَلَاثِينَ دَرَجَةً، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى عَرْضَ الْبَلَدِ، فَكَمَا أَنَّ جَوَانِبَ الْأَرْضِ الْمُحِيطَةِ بِهَا وَجَوَانِبَ الْفَلَكِ الْمُسْتَدِيرَةِ لَيْسَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَلَا تَحْتَهُ، فَكَذَلِكَ مَنْ يَكُونُ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْأَثْقَالِ لَا يُقَالُ: إنَّهُ تَحْتَ أُولَئِكَ، وَإِنَّمَا هَذَا خَيَالٌ يَتَخَيَّلُهُ الْإِنْسَانُ، وَهُوَ تَحْتَ إضَافِيٍّ؛ كَمَا لَوْ كَانَتْ نَمْلَةٌ تَمْشِي تَحْتَ سَقْفٍ فَالسَّقْفُ فَوْقَهَا، وَإِنْ كَانَتْ رِجْلَاهَا تُحَاذِيه. وَكَذَلِكَ مَنْ عُلِّقَ مَنْكُوسًا فَإِنَّهُ تَحْتَ السَّمَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ رِجْلَاهُ تَلِي السَّمَاءَ، وَكَذَلِكَ يَتَوَهَّمُ الْإِنْسَانُ إذَا كَانَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْأَرْضِ، أَوْ الْفَلَكِ أَنَّ الْجَانِبَ الْآخَرَ تَحْتَهُ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَتَنَازَعُ فِيهِ اثْنَانِ، مِمَّنْ يَقُولُ: إنَّ الْأَفْلَاكَ مُسْتَدِيرَةٌ. وَاسْتِدَارَةُ الْأَفْلَاكِ كَمَا أَنَّهُ قَوْل أَهْلِ الْهَيْئَةِ وَالْحِسَابِ فَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمُنَادَى، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ، وَأَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ

1 / 22