Al-Radd ‘ala man Kadhaba bi’l-Aḥādīth al-Ṣaḥīḥah al-Wāridah fi’l-Mahdī
الرد على من كذب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي
ناشر
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
اصناف
وأهل السنة والجماعة لا يترددون في تصديق ما صح عنه من أخبار ويعتقدون أن ما صح إخباره به لا بد أن يقع على النحو الذي أخبر به الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه.
فمن ذلك إخباره ﷺ بمجيء أويس القرني من اليمن وذكره ﷺ له باسمه وبيان بعض صفاته وقد حصل مصداق خبره ﷺ بذلك على النحو الذي جاء عنه ﷺ ففي صحيح مسلم بسنده عن أسير بن جابر قال: "كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه إمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى عليه أويس فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم، قال: من مراد ثم من قرن، قال: نعم، قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم، قال: نعم، قال: لك والدة؟ قال: نعم، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: " يأتي عليكم أويس بن عامر مع إمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل" فاستغفر لي، فاستغفر له، قال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي، وفي صحيح مسلم أيضا عن ابن عمر ﵁ قال: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: " إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به بياض، فمروه فليستغفر لكم".
ومن ذلك إخباره ﷺ عن اثنين من ثقيف بوصفهما أحدهما كذاب والثاني مبير وقد وقع ما أخبر به ﷺ فالكذاب هو المختار بن أبي عبيد الثقفي والمبير أي المهلك الحجاج بن يوسف الثقفي وقد قالت ذلك للحجاج أسماء بنت أبي بكر الصديق ﵂ كما في صحيح مسلم: "أما أن رسول الله ﷺ حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا، فأما الكذاب فرأيناه وأما المبير فلا إخالك إلا إياه". قال النووي في شرحه صحيح مسلم: "واتفق العلماء على أن المراد بالكذاب هنا المختار بن أبي عبيد وبالمبير الحجاج بن يوسف والله أعلم" انتهى.
هذان مثالان لما أخبر به ﷺ عن أشخاص في زمن قريب من زمن النبوة أحدهما في جانب المدح والثاني في جانب الذم وقد صدق خبره ﷺ فيهما على النحو الذي أخبر به ﷺ، أما في الزمن البعيد عن زمن النبوة فقد صحت الأحاديث عن رسول الله ﷺ وتواترت عنه في خروج المهدي وخروج الدجال ونزول عيسى ﵊ من السماء وذلك في آخر الزمان ولا بد من وقوع ما أخبر به ﷺ طبقا لما جاء عنه ﵊ وتصديق الرسول ﷺ فيما يخبر به عن أمور مغيبة هو من الإيمان بالغيب الذي امتدح الله أهله، وأما الدعاوى الكاذبة التي تحصل من متمهدين دجالين في بعض الأزمان وما ينتج عنها من فتن فإن ذلك لا يقدح بالحقيقة الثابتة عن الرسول ﷺ وقد أوضحت ذلك في رقم (٤) .
٣٠ - وقال الشيخ ابن محمود في ص٢٥: "ففكرة المهدي وسيرته وصفته لا تتفق مع سيرة
46 / 367