Fiqh Theories
النظريات الفقهية
ناشر
دار القلم والدار الشامية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1414 ہجری
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
الثاني: أن العدالة الكاملة، والأهداف السامية للعقوبة لا تظهر إلا إذا كانت عامة وشاملة وتطبق على جميع الناس، دون تمييز طبقي أو عنصري أو طائفي، وأن السارق يجب أن ينال جزاءه مهما كانت مكانته أو قرابته من الحكام والقضاة والسلطات الحاكمة، وإلا كان التمييز والمحاباة والرشوات والوساطات في تطبيق الحدود سبباً في الظلم والهلاك والدمار، وهو ما حذَّر منه رسول اللّه ﷺ، وضرب المثل الأعلى في العدالة عند الشفاعة للمرأة المخزومية، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبي ﷺ بقطع يدها، فأتى أهلُها أسامةَ بنَ زَيْد، فكلَّموه، فكلم النبي ﷺ فيها، فقال له النبي ﷺ: ((يا أسامة، لا أراك تشفع في حد من حدود الله عزَّ وجل))، ثم قام النبي ﷺ خطيباً فقال: ((إنما هلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها)) فقطع يد المخزومية(١).
رابعاً - حد الخمر:
وهو عقوبة الاعتداء على العقل بشرب المسكرات، وقد ثبتت عقوبته الأخروية مع تحريمه في القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿يا أيُّها الذين آمنُوا إنَّما الخَمْرُ والميسرُ والْأَنْصَاب والأزلامُ رِجْس من عملِ الشيطانِ فاجتنبوهُ لعلّكم تُفْلحون، إنمَّا يريدُ الشيطانُ أن يُوقِعَ بِينَكُم العداوةَ والبغضاءَ في الخَمْرِ والمَيْسِرٍ، ويصدَّكم عن ذِكرِ الله، وعنِ الصلاةِ، فهل أنتُم مُنْتَهون﴾ (سورة المائدة) الآيات: ٩٠ - ٩١.
وأما العقوبة الدنيوية فوردت بالسنة الشريفة، عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ أُتِيَ برجل قد شَرب الخَمْرَ، فَجُلِدَ بجريدَتَيْن، نَحْوَ أربعين، قال: وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس، فقال: عبدُ الرحمن: أخفُ الحدودِ ثمانين، فأمر به عمر(٢)، وعن أنس أيضاً ((أن النبي ﷺ جلد في
(١) رواه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود وأحمد، (انظر: نيل الأوطار ١٣٨/٧، ١٤٣، الفتح الكبير ٤٣٧/١).
(٢) رواه مسلم وأبو داود والترمذي وصححه أحمد، (انظر: نيل الأوطار ١٤٦/٧).
36