4
التمهيد: تعريف المحكم والمتشابه في اللغة والاصطلاح (^١). أولًا: المحكم والمتشابه في اللغة: المحكم في اللغة (^٢): المحكم: مأخوذ من حَكَم الذي أصله: منع منعًا لإصلاح، ومنه سميت اللجام حَكَمة الدابة، لأنها تمنعها عن ركوب رأسها، وسمي الحاكم حاكمًا لمنعه الظالم من الظلم، ويقال: حَكَمت الرجل وحَكَّمته وأحَكْمته إذا منعته، ومنه قول جرير: أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم إني أخاف عليكم أن أغضبا (^٣) أي: امنعوهم من السفه. والحكمة: سميت حكمة، لمنعها النفس عن هواها، والحكيم المتقن للأمور (^٤). وبهذا يظهر أن معنى المحكم في اللغة يرجع إلى معنيين، وهما: المنع والإتقان. المتشابه في اللغة (^٥): أصل المتشابه: من الشِّبه والشَّبَه، وهو أن يشبه أحد الأمرين الآخر حتى يلتبسا، والشبهة الالتباس، والمتشابهات من الأمور المشكلات (^٦). يقول ابن قتيبة ﵀: " وأصل التشابه أن يشبه اللفظ اللفظ في الظاهر، والمعنيان مختلفان، قال الله ﷿ في وصف ثمر الجنة: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾ [البقرة: ٢٥] (^٧)، أي: متفق المناظر مختلف الطعوم، وقال: ﴿تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [البقرة: ١١٨] (^٨)، أي يشبه بعضها بعضًا في الكفر والقسوة. ومنه يقال: اشتبه عليّ الأمر، إذا أشبه غيره فلم تكد تفرق بينهما، وشبّهت عليّ، إذا لبست الحق بالباطل، ومنه قيل لأصحاب المخاريق: أصحاب الشبه، لأنهم يشبهون الحق بالباطل، ثم قد يقال لكل ما غمض ودق متشابه، وإن لم تقع الحيرة فيه من جهة الشبه بغيره" (^٩).

(^١) انظر: قواعد التفسير تأليف خالد السبت ص ٢/ ٦٥٩ - ٦٦٠، دار ابن عفان، الجيزة، الطبعة الأولى. (^٢) انظر: لسان العرب لابن منظور، تحقيق عبدالله الكبير وآخرون، ص ٢/ ٩٥٣ مادة حكم، طبعة دار المعارف، القاهرة. (^٣) البيت في ديوان جرير تحقيق نعمان طه، ١/ ٤٦٦، طبعة دار المعارف بمصر، عام ١٩٧١. لسان العرب ص ٢/ ٩٥٣. (^٤) انظر: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي لأبي منصور الأزهري تحقيق عبدالمنعم بشناتي ص ٥٥١، دار البشائر، بيروت، الطبعة الأولى. المفردات في غريب القرآن / للأصفهاني تحقيق صفوان داوودي ص ٢٤٨ - ٢٥١، دار القلم، دمشق، الطبعة الثانية. الصحاح لإسماعيل الجوهري تحقيق أحمد عطار ٥/ ١٩٠١ - ١٩٠٢، الطبعة الثانية. (^٥) انظر: لسان العرب ص ٢١٨٩ مادة شبه، ومفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني، ص ٤٤٣ - ٤٤٥. (^٦) انظر: المفردات للأصفهاني ص ٤٤٣ - ٤٤٥، الصحاح للجوهري ص ٦/ ٢٢٣٦، ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البلاغة للطاهر أحمد الزاوي ٢/ ٦٧٠ - ٦٧١، عيسى البابي الحلبي، الطبعة الثانية. (^٧) سورة البقرة: ٢٥. (^٨) سورة البقرة: ١١٨. (^٩) انظر: موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة لسليمان الغصن ص ١/ ٣٦٧ - ٣٦٩، دار العاصمة، الرياض، الطبعة الأولى.

1 / 4