Al-Mufeed Fi Muhimat Al-Tawheed
المفيد في مهمات التوحيد
ناشر
دار الاعلام
ایڈیشن نمبر
الأولى ١٤٢٢هـ
اشاعت کا سال
١٤٢٣هـ
اصناف
٤- قول رسول الله ﷺ: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان؛ ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان" ١.
يقول العلامة ابن القيم ﵀ معلقا على هذا الحديث: هذا مع أن الله قد أثبت للعبد مشيئة كقوله: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيم﴾ [التكوير: ٢٨]؛ فكيف بمن يقول: أنا متوكل على الله وعليك، وأنا في حسب الله وحسبك، وما لي إلا الله وأنت، وهذا من الله ومنك، وهذا من بركات الله وبركاتك، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض.
فوازن بين هذه الألفاظ وبني قول القائل: ما شاء الله وشئت، ثم انظر أيهما أفحش!
يتبين لك أن قائلها أولى بجواب النبي ﷺ لقائل تلك الكلمة، وأنه إذا كان قد جعل لله ندا بها؛ فهذا قد جعل من لا يداني رسول الله ﷺ في شيء من الأشياء -بل لعله أن يكون له من أعدائه- ندا لرب العالمين"٢.
ثانيا: كيف يتقى هذا الشرك؟ أفضل سبيل للوقاية من هذا الشرك، وعدم الوقوع فيه، هو التزام ما علمنا إياه رسول الله ﷺ من استبدال الواو بـ "ثم"؛ فنعدل عن الواو التي تقتضي تسوية المخلوق بالخالق، إلى"ثم" التي تقتضي الترتيب والتراخي؛ فمثلا: غذا قلنا: ما شاء وشئت -وعطفنا بالواو، اقتضى ذلك التسوية بين مشيئة الله ومشيئة المخلوق.
أما إذا قلنا: ما شاء الله ثم شئت -وعطفنا بـ "ثم"- فإنه يقتضي تقديم مشيئة الله ﷿، وأنها فوق مشيئة المخلوق٣.
فإذا عطفنا مشيئة المخلوق على مشيئة الخالق ﷿ بـ "ثم"، فرقنا بين المشيئتين، وقدمنا مشيئة الخالق ﷾ على مشيئة خلقه.
كذا الحوادث: نسندها إلى الله ﷿ أولا، ثم إلى المخلوق؛ فمثلا إذا أردنا أن نقول: لولا وجود فلان لحصل كذان نقول: لولا الله، ثم وجود فلان لحصل كذا، مع الاعتقاد بأن الأسباب ليست مستقلة بذاتها في التأثير؛ وإنما يكون تاثيرها بقدرة الله ومشيئته٤.
١ أخرجه الإمام أحمد في المسند ٥/ ٣٨٤، ٣٩٤، ٣٩٨. وأبو داود في السنن، كتاب الأدب، باب لا يقال خبثت نفسيز وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ٣/ ٩٤٠. ٢ الجواب الكافي لابن القيم ص٢٣٩-٢٤٠. وانظر الدين الخالص لصديق حسن خان ١/ ٣١٢. ٣ انظر دعوة التوحيد للشيخ محمد خليل هراس ص٦٥، وتيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ ص٥٩٥. ٤ انظر بعض أنواع الشرك الأصغر للمعتق ص٥٠.
1 / 136