المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره
المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره
ناشر
موسسة الرسالة
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
ولكن العناد والإصرار هو الدافع لهم للجحود والإنكار، حتى قالوا قولتهم الآثمة:
وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [البقرة: ٥٥].
وهذا عيسى قد لاقى من قومه صدودا، حتى الحواريين طلبوا منه أن ينزل عليهم مائدة من السماء، فقالوا لعيسى ﵇: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة: ١١٢].
وأجابهم الله بما سألوا: قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعالَمِينَ [المائدة: ١١٥].
وهكذا الشأن مع رسول الله ﷺ، فقد جاءهم بالمعجزة التي تذعن لها العقول، ولكن لم يؤمن بها إلّا من هداه الله للإيمان، أما أكثر العرب فقد جحدوا بها، واستيقنتها قلوبهم وأبوا إلّا الضلال، فراحوا يقولون كما تحدث عنهم القرآن:
وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ٩٠ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيرًا ٩١ أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا ٩٢ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا ٩٣ وَما مَنَعَ
النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا
[الإسراء: ٩٠ - ٩٤].
وقال الله تعالى: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتابًا فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ [الأنعام: ٧].
وما هذه المواقف وهذا الكفر والإلحاد إلّا نتيجة إدبار واستكبار: ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ٢٣ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ٢٤ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ [المدثر: ٢٣ - ٢٥].
وجه الإعجاز القرآني:
يحلو لبعض العلماء أن يرى وجوها كثيرة في إعجاز القرآن، فبعضهم يرى من وجوه الإعجاز إخبار القرآن بالغيب، أو في نظامه التشريعي، أو الاجتماعي، أو علم الجناية، أو علم الاقتصاد، أو الفلك، أو الطب، وغير ذلك من العلوم التي لا تعد
1 / 35