المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره
المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره
ناشر
موسسة الرسالة
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
الحديثان وإن تساويا صحة في السند إلّا أن متن كل منهما يختلف عن الآخر مما جعل بعض العلماء يعتمد أن سبب النزول الوحيد للآية هو ما روي بشأن هلال لوجود قرائن تدل على ذلك.
ومن هذه القرائن أن النبي ﷺ حين أتاه هلال بن أمية- بنفسه- قاذفا زوجته، قال له: «البينة أو حد في ظهرك» لأن الوحي لم ينزل بعد في حكم اللعان، لذا لم يبق إلّا أن يطبق عليه النبي ﷺ حد القذف، كما ورد في الآية السابقة نزولا لهذه الآية (١)، وهذا يلزمه بتطبيق حد القذف عليه، ولم يعفه من ذلك آيات اللعان في حقه.
أما في قصة عويمر، فإن النبي ﷺ حين سأله عويمر لم يقل النبي ﷺ له: «البينة أو حد في ظهرك» بل قال له: «قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك قرآنا». فلم يتوقف الرسول ﷺ في بيان حكمه.
يقول صاحب معاني القرآن: وقد يذكرون حادثة تحققت في تلك الأيام المباركة، واستنبط النبي ﷺ حكمها من آية في ذلك الباب، فتراهم يقولون بعد ذلك: إن الآية نزلت في كذا، وربما قالوا: فأنزل الله قوله كذا، فكأنه إشارة إلى أنه من استنباطه ﵊. ولعل هذا ما جعل بعض العلماء يجزم أن قصة هلال بن أمية هي السبب الوحيد لوجود قرينة تدل على ذلك، وينفي أن تكون قصة عويمر سببا.
وعلى أية حال، فهذا الخلاف لا يترتب عليه أثر مفيد، فسواء أتداخلت الروايتان وكانتا سببا للنزول، أم كانت قصة هلال بن أمية هي السبب الوحيد، فلا شيء يترتب على ذلك.
٤ - أما حالة تعدد الروايات في أسباب النزول التي حكموا فيها بتكرار نزول الآية لتباعد أزمانهما، فيمثلون لهذه الحالة بما أخرجه البيهقي والبزار عن أبي هريرة أن النبي ﷺ وقف على حمزة حين استشهد، وقد مثل به، فقال: «لأمثلنّ بسبعين
(١) والآية السابقة هي قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً [النور: ٤].
1 / 146