Al-Ma'na Fi Sifat Allah Ta'ala Ma'lum Wal Kayf Majhul
المعنى في صفات الله تعالى معلوم والكيف مجهول
اصناف
٩٥ - قول العلامة صالح بن مهدي المقبلي (المتوفى: ١١٠٨):
قال العلامة المقبلي في العَلَم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ (ص:٢٢٢ - ٢٢٣): "كما أنّ المتكلمين خاطروا في النظر في ماهية الصفات في حق الله تعالى، وتكلفوا ما لا يعنيهم من عدم الاقتصار على المدلول اللغوي العربي الذي يحمل عليه كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ، فإنهم قد اقتحموا أطمَّ من ذلك، وسلكوا أصعب المسالك، واقتصروا على إثبات قليل من الصفات، كقادر وعالم ونحوهما، ونفوا سائر الصفات وجعلوها مجازات كصفة الرضا والغضب والمحبة والرحمة والحلم، وغير ذلك مما وصف به تعالى نفسه، وكرّر التمدح به، ومما صح عن رسوله ﷺ ... وقالوا في رحيم – مثلًا: يلزم رقة القلب، كقول بعض المعتزلة: يلزم من إثبات كونه سميعًا الصماخ، ومن إثبات كونه بصيرًا الحدقة حتى رجعوا بمدلولهما إلى العلم مع كثرة تمدّحه تعالى بهما في كتابه العزيز، وقد اتفقت كلمة الجمهور على سقوطه، والسبب في ذلك كله مجاوزة الحد، وتعاطي ما ليس لهم من النظر في ماهية الصفات، وإلا فالسامع مثلًا من أدرك الصوت، والمبصر من أدرك الأجسام والألوان مثلًا، والراحم من له الحالة التي من اتصف بها كان من شأنه أن يفعل أفعالًا مخصوصة، ونحو ذلك، ورقة القلب والحدقة والصماخ من عوارض المحل فينا، ولذا يفهم معناها من لا يخطر بباله هذه العوارض.
وقد اكتفى السلف الصالح بالمدلول اللغوي، وجروا في أسمائه تعالى عليه، ولم يخطر لهم ببال استحالته.
وعلى الجملة فلا مانع من الحقيقة عقلًا ولا شرعًا إلا الخيال المذكور، وسببه النظر فيما لا يعني، فنشأ عنه هذا الخيال، وترتب على ذلك الدعوى على الواضع أن تلك العوارض جزء ماهية مفهوم هذه الصفات، والفلاسفة يصفون الله تعالى بالعلم وغيره من الصفات لفظًا ويعطلون معناها عند تفسيرها".
وقال أيضًا في العلم الشامخ: "والقسم الثالث: مثل رحيم، ونور، وصبور، ولا أحد أغير من الله، ونحو ذلك مما هو من صفات كماله، والظاهر الحقيقة، ومن نفاها فلدعوى كون العارض جزء مدلولها بغير دليل كما ذكرنا قبل.
والعجب من المجادلين إذا قلت له في مثل الرضا أو الغضب، قال: الغضب: فوران الدم، والرضا: انبساطه، وأخذ يدّعي ذلك على العرب، وهو من كلام الأطباء وقد يتكلم به على نوع المجاز، وقد يتكلم به على غضب مقيد وهو غضب الإنسان، كما جاء في الحديث: «الغضب جمرة»، وكلامنا في مطلق الماهية من دون قيد، فمن أنصف علم أنه يعلم المطلق من لا يعلم المقيد".
وقال في نجاح الطالب لمختصر المنتهى لابن الحاجب (ص:١٧٥ - ١٧٦): "واعلم أولًا أنّ معنى القدرة وما يتصرف منها آيل إلى ما يجده الإنسان من نفسه من التمكن المستمر، وهذا هو المدلول اللغوي، والذي لا يصعب فهمه على كل عاقل، وهكذا هو في مطلق القادر، وهو مقتضى قولنا في صفات الباري تعالى كما هو مذهب السلف".
وقال أيضًا في نجاح الطالب (ص: ١٨٣): "اللهم إني أشهد أنك متكلِّمٌ على المعنى المعقول لغة، وكذلك سائر الصفات، وأبرأ إليك من الإلحاد في صفاتك وأسمائك، اللهم برئني مما برئت إليك منه".
وقال أيضًا في الأبحاث المسددة في فنون متعددة (ص:١٦٢ - ١٦٣) عند قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾: "فسّرها في «الكشاف» بأن يرضى عنهم، ويفعل ما يفعل المحب، والرضا عنده أيضًا مفسَّرٌ بالإرادة، أي: يريد نفعهم، والحاصل أنه فسرها بنتائج المحبة والأفعال التي تفعل عندها، وهذا بناء على نظرهم في ماهية الصفات وحكمهم بالمجاز على أكثرها، والحق أن المحبة على حقيقتها، ولا نكيفها كسائر الصفات، ولم يدل دليل على منع الحقيقة".
1 / 95