162

المدخل

المدخل

ناشر

دار التراث

ایڈیشن نمبر

الأولى

پبلشر کا مقام

القاهرة

وَشِمَالًا لِئَلَّا يَقَعَ عَنْ دَابَّتِهِ، فَلَمَّا أَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِلْأَنْصَارِ إذْ ذَاكَ قُومُوا إلَى خَيْرِكُمْ أَوْ إلَى سَيِّدِكُمْ» أَيْ قُومُوا فَأَنْزَلُوهُ عَنْ الدَّابَّةِ.
وَقَدْ وَرَدَ مَعْنَى مَا ذَكَرَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ أَنَّ «النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَهُمْ بِالْقِيَامِ إلَيْهِ لِيُنْزِلُوهُ عَنْ الدَّابَّةِ لِمَرَضٍ بِهِ» انْتَهَى. لِأَنَّ عَادَةَ الْعَرَبِ جَرَتْ أَنَّ الْقَبِيلَةَ تَخْدُمُ سَيِّدَهَا فَخَصَّهُمْ النَّبِيُّ ﷺ بِتَنْزِيلِهِ وَخِدْمَتِهِ عَلَى عَادَتِهِمْ الْمُسْتَمِرَّةِ بِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَا ذَكَرْتُمْ، وَهُوَ الْإِنْزَالُ عَنْ الدَّابَّةِ لَأَمَرَ ﵊ بِذَلِكَ مَنْ يَقُومُ بِتِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَهُمْ نَاسٌ مِنْ نَاسٍ، فَلَمَّا أَنْ عَمَّهُمْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجَمِيعُ إذْ أَنَّ بِبَعْضِهِمْ تَزُولُ الضَّرُورَةُ الدَّاعِيَةُ إلَى تَنْزِيلِهِ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ ﵊ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى عَادَتِهِ الْكَرِيمَةِ وَشَمَائِلِهِ اللَّطِيفَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ ﵊ لَوْ خَصَّ أَحَدًا مِنْهُمْ بِالْقَوْلِ وَالْأَمْرِ لَكَانَ فِي ذَلِكَ إظْهَارًا لِخُصُوصِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ قَبِيلَتِهِ، فَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَأْمُرْهُ انْكِسَارُ خَاطِرٍ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ وَكَانَتْ إشَارَتُهُ ﵊ أَوْ نَظَرُهُ أَوْ أَمْرُهُ عِنْدَهُمْ مِنْ أَكْبَرِ الْخُصُوصِيَّةِ، فَأَمْرُهُ ﵊ لَهُمْ بِذَلِكَ عُمُومًا تَحَفُّظٌ مِنْهُ ﵊ أَنْ يَنْكَسِرَ خَاطِرُ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَوْ يَتَغَيَّرَ، فَكَانَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِمْ مِثْلَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ مَنْ قَامَ بِهِ أَجْزَأَ عَنْ الْبَاقِينَ، فَهَذَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ لِلْقَرَائِنِ الَّتِي قَارَنَتْهُ، وَهِيَ هَذِهِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَفْعَالَ الْقُرَبِ تَعُمُّ، وَلَا تَخُصُّ قَبِيلَةً دُونَ أُخْرَى، وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي أَمْرِهِ ﵊ بِذَلِكَ هَلْ كَانَ لِلْأَنْصَارِ خُصُوصًا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَمَا وَقَعَ مِنْ الْجَوَابِ يَعُمُّ الْقَبِيلَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ غَائِبٌ قَدِمَ وَالْقِيَامُ لِلْغَائِبِ مَشْرُوعٌ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنَّهُ ﵊ أَمَرَهُمْ بِالْقِيَامِ لِتَهْنِئَتِهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ هَذِهِ التَّوْلِيَةِ وَالْكَرَامَةِ بِهَا دُونَ غَيْرِهِ.
وَالْقِيَامُ لِلتَّهْنِئَةِ مَشْرُوعٌ. وَقَدْ قَالَ

1 / 167