Al-Lubab fi Fiqh al-Sunnah wa al-Kitab
اللباب في فقه السنة والكتاب
ناشر
مكتبة الصحابة (الشارقة)
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م
پبلشر کا مقام
مكتية التابعين (القاهرة)
اصناف
أي: ما أعطاكم الرسول ﷺ من الفيء فخذوه لكم حلالًا، وما نهاكم عن أخذه فانتهوا، "وَاتَّقُوا اللهَ" وفي أمر الفيء، "إنَّ اللهَ شديدُ الْعقَاب" إذا فعلتم ما نهاكم عنه الرسول ﷺ. هذا هو المعنى الأصلي للآية الذي يدلّ عليه السياق.
والآية وإن نزلت في الفيء فهي عامَّةٌ في كل شيء يأتي به رسولُ ﷺ من أمرٍ، أو نهي، أو قولٍ، أو فعلٍ، والسبب وإن كان خاصًّا فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وكل شيء أتانا بهالله من الشرع؛ فقد أعطانا إياه، وأوصله إلينا.
فهذه الآية الكريمة نصٌّ صريح في أنّ كل ما أتانا به رسول الله ﷺ وبلغه إلينا من الأوامر وغيرها؛ سواءً كانت مذكورة في الكتاب، أي القرآن المجيد، أو السُّنَّة، أي كل ما صح رفعُه إلى النبي ﷺ: واجب علينا قبوله، وكذا كلُّ ما نهانا عنه من المنهيَّات والمنكرات المبيَّنة في الكتابِ أو السُّنَّة: واجب علينا اجتنابهُ والانتهاءُ عنه (^١).
وعن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: "لعَنَ الله الواشماتِ والمستوشمات (^٢)، والنَّامصاتِ والمتنمصات (^٣)، والمتفلِّجات (^٤) للحُسْن، المغيِّرات خلقَ الله. قال: فبلغ ذلك امرأةً من بني أسد يُقال لها أمُّ يعقوب، وكانت تقرأ القرآنَ، فأتَتْهُ فقالت ما حديثٌ بلغني عنك أنكَ لعنتَ الواشماتِ والمستوشمات، والمتنمِصات والمتفلجات للحُسْن، المغيِّرات خلق الله؟ فقال عبدُ الله: وما لي لا ألعنُ مَن لعنَ رسول الله ﷺ، وهو في كتاب الله؟ فقالت المرأةُ: لقد قرأتُ ما بين لَوْحَي المصحف فما وجدتُهُ؟ فقالَ: لئن كنتِ قَرَأتيه لقد وجدتيه، قال الله ﷿: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧] فقالت المرأة: فإنّي أرى شيئًا من هذا على امرأتِكَ الآن، قال: اذهبي فانظري، قال: فدخلت على امرأةِ عبد الله فلم تر شيئًا فجاءتْ إليه، فقالت: ما رأيتُ شيئًا، فقال: أَمَا لوْ كان ذلك لم نُجَامِعهَا" (^٥) " (^٦).
_________
(^١) "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٨/ ١٧ - ١٩).
(^٢) الواشمة: فاعلة الوشم، وهي أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوها في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيل الدم، ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة فيخضر، فإن طلبت فعل ذلك بها: فهي مستوشمة.
(^٣) هي التي تُزيل الشعر من الوجه، والمتنمِّصة التي تطلب فعل ذلك بها.
(^٤) المتفلِّجات هن اللواتي يُعالجن أسنانهنَّ بعدما شرعن في السنِّ حتى يكون لها تحدد ورقة وأشرٌ، فيشبهن بالشوابِّ.
(^٥) أي: لم نصاحبها، ولم نجتمع نحن وهي بل كنا نطلقها.
(^٦) أخرجه مسلم في "صحيحه" (١٤/ ١٠٥ - ١٠٧ بشرح النووي).
1 / 7