177

Al-Khitaba - University of Madinah

الخطابة - جامعة المدينة

ناشر

جامعة المدينة العالمية

اصناف

قال رسول الله ﷺ: «المسلم مَن سلم المسلمون من لسانه ويده، والمُهَاجِرُ من هَجَر ما نهى الله عنه». وروى الشيخان أيضًا عن ابن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «سِبابُ المُسلم فسوق وقتاله كفر».
وغَني عن التعريف أنّ الفُسوق هُنا ليس المراد به الخروج من الإيمان إلى الكفر؛ وإنّما هو الخروج من الطاعة إلى المعصية، كما أنّ الكُفْرَ المذكور في قوله ﷺ: «وقتاله كفر» ليس هو الكفر الأكبر المُخرج من الملة؛ بل هو الكفر الأصغر أو الكفر العملي؛ لأنّ الله ﵎ جعل قاتل المؤمن أخًا لولي المقتول فقال ﷿ وقد فرض القصاص في القتل العمد، ثم قال: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ (البقرة: ١٧٨) فجعل ولي المقتول عمدًا أخًا للقاتل ومعناه أنه لم يكفر بقتله.
كما قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الحجرات: ٩، ١٠) فسمى الله تعالى الطائفتين المتقاتلتين مؤمنين، ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ فلم يكفروا بالقتال، وجعلهم أخوة للمؤمنين قال: ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ ولو كان الكفر في قوله ﷺ: «وقتاله كفر» هو المُخرج من الملة ما صحت هذه التسمية، ولا صحت هذه الأخوة. وإنما قال ﵊: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» من باب المبالغة في الزجر عن سب المسلم وقتله.
ورَوى مُسْلِمٌ عن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه». وروى

1 / 198