Al-Kalimat al-Hisan fi Bayan Uluw al-Rahman
الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن
اصناف
٥ - عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ البجليِّ ﵁ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ ليلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هذَا لاَ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا» ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ [ق: ٣٩] (١).
قالَ الإمامُ البغويُّ ﵀: «وقولُه: «كما ترونَ» ليسَ كافُ التَّشبيهِ للمرئيِّ بالمرئيِّ، بلْ كافُ التَّشبيهِ للرؤيةِ التي هي فعلُ الرائي بالرؤيةِ، ومعناهُ: تَرَوْنَ ربَّكم رؤيةً لا شكَّ فيها، كما تَرونَ القمرَ ليلةَ البدرِ لا مريةَ فيها» (٢).
وقالَ شيخُ الإسلامِ ﵀: «ومعلومٌ أنَّا نرى الشمسَ والقمرَ عيانًا مواجهةً، فيجبُ أنْ نراهُ كذلكَ، وأمَّا رؤيةُ ما لا نُعَايِنُ ولا نُواجِهُهُ فهذهِ غيرُ مُتَصَوَّرَةٍ في العقلِ، فَضْلًا عنْ أنْ تكونَ كرؤيةِ الشَّمسِ والقمرِ.
وأمَّا قولُه «لا تُضَامُونَ» يُروى بالتَّخفيفِ. أي: لا يَلْحَقُكُمْ ضَيْمٌ في رؤيتهِ كما يلحقُ النَّاسَ عندَ رؤيةِ الشَّيءِ الحسنِ كالهلالِ. فإنَّهُ قدْ يَلْحَقُهُمْ ضَيْمٌ في طلبِ رؤيتهِ حينَ يُرى؛ وهوَ سبحانهُ يتجلَّى تجليًّا ظاهرًا فيرونَهُ كما تُرى الشمسُ والقمرُ بلا ضَيْمٍ يَلْحَقُكُمْ في رؤيتهِ.
_________
(١) أخرجه البخاري (٧٤٣٩)، ومسلم (١٨٣).
(٢) شرح السنة (٢/ ٢٢٦) للبغوي.
1 / 43