الأقوال لا يعني أنّ أحدهما تابعٌ للآخر.
ب - أن كتاب الإبانة يَدُلُّ دلالة أكيدة على أن الأشعري، رجع إلى منهج السلف الصالح، وإنما التأثر كان في المرحلة الثانية من حياته. فهذا القول مرفوض مطلقًا، وكما قال الشيخ المحمود: «إن هذا القول مع ظهور ضعفه فهو خارج محل النقاش لأنه يقوم على دعوى أن الأشعري يتأول أحيانًا الصفات الخبرية، وأنه قال بالتفويض، أو المجاملة للحنابلة حين ألف الإبانة وإلا فليس هذا معتقده، وكل هذا من أجل تبرير التطور الذي حدث للمذهب الأشعري حين انحرف الأشعرية عن كثير من آراء شيخهم أبي الحسن ﵀» (^١).
قلت: وأول من قال إن الأشعري ألف الإبانة مجاملة ووقاية، هو أبو علي الأهوازي عندما قال: «وللأشعري لعنه الله وأخزاه كتابًا في السنة قد جعله أصحابه وقاية لهم من أهل السنة سماه كتاب الإبانة صنَعه في بغداد لما دخلها فلم يقبل ذلك من الحنابلة وهجروه» (^٢). وقد دافع شيخ الإسلام ﵀ عن فرية اتهام أبي الحسن ﵀ أنه ألف الكتاب مجاملة فقال: - والأشعري ابتلي بطائفتين: طائفة تبغضه وطائفة
(^١) انظر موقف شيخ الإسلام ١/ ٣٨٥. وهذا القول هو الأول عند الشيخ المحمود، أما في هذه الرسالة فهو القول الثاني.
(^٢) انظر مثالب ابن أبي بشر للأهوازي ص ١٥٧.