Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala

Sa'id bin Wahf al-Qahtani d. 1440 AH
48

Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

ناشر

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٣هـ

پبلشر کا مقام

المملكة العربية السعودية

اصناف

وهذا مما يؤكد أن الحلم من أعظم أركان الحكمة ودعائمها. ٥ - ومن عظيم حلمه عدم دعائه على من آذاه من قومه، وقد كان باستطاعته أن يدعو عليهم، فيهلكهم الله، ويدمرهم، ولكنه ﷺ حليم حكيم يهدف إلى الغاية العظمى، وهي رجاء إسلامهم، أو إسلام ذرياتهم، ولهذا «قال عبد الله بن مسعود ﵁: كأني أنظر إلى رسول الله ﷺ يحكي نبيًّا من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدْمَوْهُ وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» (١). . ومما يدل على أن الحلم ركن من أركان الحكمة ملازمة صفة الحلم للأنبياء قبل النبي ﷺ في دعوتهم إلى الله تعالى. فهذا إبراهيم أبو الأنبياء، عليه وعليهم الصلاة والسلام، قد بلغ من الحلم مبلغًا عظيمًا حتى وصفه الله بقوله: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٤] (٢). فقد كان إبراهيم كثير الدعاء، حليمًا عمن ظلمه، وأناله مكروهًا، ولهذا استغفر لأبيه مع شدة أذاه له في قوله: ﴿أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا - قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا - وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا﴾ [مريم: ٤٦ - ٤٨] (٣). .

(١) البخاري مع الفتح، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حدثنا أبو اليمان ٦/ ٥١٤، ومسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة أحد ٣/ ١٤١٧. (٢) سورة التوبة، ١١٤. (٣) سورة مريم، ٤٦ - ٤٨.

1 / 60