احکام فی اصول احکام

Saif al-Din al-Amidi d. 631 AH
140

احکام فی اصول احکام

الإحكام في أصول الأحكام

ناشر

المكتب الإسلامي

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

١٤٠٢ هـ

پبلشر کا مقام

(دمشق - بيروت)

اصناف

اصول فقہ
وَلَجَازَ أَنْ يَصْدُرَ عَنِ الْعَبْدِ أَفْعَالٌ مَحْكَمَةٌ بَدِيعَةٌ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهَا، وَلَمَا انْقَسَمَ فِعْلُهُ إِلَى طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، وَلَكَانَ الرَّبُّ تَعَالَى أَضَرَّ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ إِبْلِيسَ ; حَيْثُ إِنَّهُ خَلَقَ فِيهِ الْكُفْرَ وَعَاقَبَهُ عَلَيْهِ وَإِبْلِيسُ دَاعٍ لَا غَيْرُ، وَلَمَا حَسُنَ شُكْرُ الْعَبْدِ وَلَا ذَمُّهُ عَلَى أَفْعَالِهِ وَلَا أَمْرُهُ وَلَا نَهْيُهُ وَلَا عِقَابُهُ وَلَا ثَوَابُهُ، وَلَكَانَ الرَّبُّ تَعَالَى آمِرًا لِلْعَبْدِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ قَبِيحٌ مَعْدُودٌ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ مِنَ الْجَهْلِ وَالْحُمْقِ، وَلَكَانَ الْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ، وَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا: فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَالْكُفْرُ حَقٌّ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا فَالْإِيمَانُ بَاطِلٌ. وَلَكَانَ الرَّبُّ تَعَالَى إِمَّا رَاضِيًا بِهِ رَاضٍ أَوْ غَيْرَ رَاضٍ، وَالْأَوَّلُ يَلْزَمُ مِنْهُ الرِّضَا بِالْكُفْرِ وَالثَّانِي يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الرِّضَا بِالْإِيمَانِ، وَالْكُلُّ مُحَالٌ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ. وَأَمَّا النَّقْلُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ﴾، وَقَوْلُ النَّبِيِّ ﵇: " «اعْمَلُوا وَقَارِبُوا وَسَدِّدُوا» "، وَقَوْلُهُ ﵇: " «نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ» " إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى نِسْبَةِ الْعَمَلِ إِلَى الْعَبْدِ. وَالْعُقَلَاءُ مُتَوَافِقُونَ عَلَى إِطْلَاقِ إِضَافَةِ الْفِعْلِ إِلَى الْعَبْدِ بِقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ. وَأَمَّا الْمَسْلَكُ الثَّانِي: فَهُوَ أَنَّ تَعَلُّقَ عِلْمِ الْبَارِي تَعَالَى بِالْفِعْلِ أَوْ بِعَدَمِهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا لِوُجُودِ مَا عَلِمَ وُجُودَهُ وَامْتِنَاعِ وُجُودِ مَا عَلِمَ عَدَمَهُ، أَوْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَيَلْزَمُهُ مُحَالَاتٌ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ هُوَ الْقُدْرَةَ، أَوْ أَنْ يُسْتَغْنَى بِهِ عَنِ الْقُدْرَةِ، وَلَا يَكُونُ الرَّبُّ قَادِرًا عَلَى إِيجَادِ شَيْءٍ أَوْ عَدَمِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلرَّبِّ اخْتِيَارٌ، وَلَا لِلْعَبْدِ فِي وُجُودِ فِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا بِالْعِلْمِ أَوْ مُمْتَنِعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوجِبًا لِلْوُجُودِ وَلَا لِلْعَدَمِ فَقَدْ بَطَلَ الِاسْتِدْلَالُ، وَإِنْ سُلِّمَ ذَلِكَ لَكِنَّهُ مُعَارِضٌ بِمَا سَبَقَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالنَّقْلِيَّةِ. وَالْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرُوهُ أَوَّلًا عَنِ الْمَسْلَكِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْفِعْلَ الْمَخْلُوقَ لِلْعَبْدِ بِتَقْدِيرِ خَلْقِهِ لَهُ مَخْلُوقٌ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ مَخْلُوقٌ لَهُ بِانْفِرَادِهِ، فَيَجِبُ أَنْ

1 / 142