بِجُمْلَتِهَا لَا وَقْعَ لَهَا بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْإِمَامِ، وَهُوَ يَسْتَتْبِعُ الْمُجْتَهِدِينَ أَجْمَعِينَ، وَلَا يَتْبَعُ أَحَدًا، وَإِنَّمَا عَنَيْنَا بِالنَّظَرِ مَزِيدَ فِكْرٍ وَتَدَبُّرٍ مِنْ أَهْلِهِ، يُفِيدُ الْعِلْمَ وَالْقَطْعَ بِاخْتِلَالِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، بِسَبَبِ مَا طَرَأَ مِنْ فِسْقٍ، أَوْ خَبَلٍ.
١٨٣ - فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَدَّمْتُمْ أَنَّ وَجْهَ خَلْعِ الْإِمَامِ نَصْبُ إِمَامٍ ذِي عُدَّةٍ، فَمَا تَرْتِيبُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ؟ .
قُلْنَا: الْوَجْهُ خَلْعُ الْمُتَقَدَّمِ، ثُمَّ نَصْبُ الثَّانِي، ثُمَّ الثَّانِي يَدْفَعُهُ دَفْعَهُ لِلْبُغَاةِ، كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَنْ يَخْلَعُهُ؟ .
قُلْنَا: الْخَلْعُ إِلَى مَنْ إِلَيْهِ الْعَقْدُ، وَقَدْ سَبَقَ وَصْفُ الْعَاقِدِينَ بِمَا فِيهِ مَقْنَعٌ، وَبَلَاغٌ تَامٌّ.
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُخْبَرْ هَذِهِ الْحَقَائِقَ إِلَى أَنَّا نَشْتَرِطُ الْإِجْمَاعَ فِي الْخَلْعِ، وَإِنْ لَمْ نَشْتَرِطْهُ فِي الْعَقْدِ. وَهَذَا زَلَلٌ عَظِيمٌ؛ فَإِنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تُرْهِقُ إِلَى الْخَلْعِ، وَلَوِ انْتُظِرَ وِفَاقُ عُلَمَاءِ الْآفَاقِ، لَاتَّسَعَ الْخَرْقُ، وَعَظُمَ الْفَتْقُ. نَعَمْ لَا بُدَّ فِي الْخَلْعِ وَالْعَقْدِ مِنِ اعْتِبَارِ شَوْكَةٍ،