أو تقليد جازم، وهذا التصديق يتبعه عمل القلب، وهو حب الله ورسوله، وتعظيم الله ورسوله، وتعزير الرسول وتوقيره، وخشية الله والإنابة إليه، والإخلاص له والتوكل عليه، إلى غير ذلك من الأحوال، فهذه الأعمال القلبية كلها من الإيمان، وهي مما يوجبها التصديق والاعتقاد إيجاب العلة المعلول.
ويتبع الاعتقاد قول اللسان، ويتبع عمل القلب الجوارح من الصلاة والزكاة والصوم والحج ونحو ذلك.
وعند هذا فالقول الوسط الذي هو قول أهل السنة والجماعة أنهم لا يسلبون الاسم على الإطلاق، ولا يعطونه على الإطلاق، فنقول: هو مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن عاص، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، ويقال: ليس بمؤمن حقاً أو ليس بصادق الإيمان.
وكل كلام أطلق في الكتاب والسنة فلابد أن يقترن به ما يبين المراد منه، والأحكام منها ما يترتب على أصل الإيمان فقط، كجواز العتق في الكفارة، وكالموالاة والموارثة ونحو ذلك، ومنها ما يترتب على أصله وفرعه، كاستحقاق الحمد، والثواب، وغفران السيئات، ونحو ذلك. إذا عرفت ((هذه القاعدة)) فالذي في الصحيح قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه أبصارهم فيها حين ينتهبها وهو مؤمن))(١).
والزيادة التي رواها أبو داود والترمذي صحيحة، وهي مفسرة للرواية المشهورة(٢) فقول السائل: هل حمل الحديث على ظاهره أحد من الأئمة؟
(١) رواه البخاري (١٩٧/٨) ومسلم (٥٧) واللفظ له.
(٢) صحيح: رواه أبو داود (٤٦٩٠) والترمذي (١٥/٥) معلقاً عن أبي هريرة مرفوعاً.
=