Al-Faraid ala Majma al-Zawaid (The Narrators Not Recognized by Al-Hafiz Al-Haythami)
الفرائد على مجمع الزوائد «ترجمة الرواة الذين لم يعرفهم الحافظ الهيثمي»
ناشر
دار الإمام البخاري
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
پبلشر کا مقام
الدوحة - قطر
اصناف
الفرائد على مجمع الزوائد
"ترجمة الرواة الذين لم يعرفهم الحافظ الهيثمي"
تأليف
خليل بن محمد العربي
دار الإمام البخاري
الدوحه - قطر
1 / 1
الفرائد على مجمع الزوائد
1 / 3
رقم الإيداع بدار الكتب القطرية: ٤١٧/ ٢٠٠٨
الرقم الدولي (رمك): ٧ - ٦ - ٧٠٨ - ٩٩٩٢١
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
لدار الإمام البخاري
رجب ١٤٢٩هـ-٢٠٠٨م
دار الإمام البخاري
للنشر والتوزيع
الدوحة -قطر طريق سلوى- بجوار دوار الغانم الجديد
ص. ب٢٩٠٠٠ - الهاتف:٠٠٩٧٤٤٦٨٤٨٤٨ - الفاكس:٠٠٩٧٤٤٦٨٥٥٨٨
www.albukhari.org
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة الطبعة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فإني أقدم للقراء الكرام الطبعة الثانية من كتابي: "الفرائد على مجمع الزوائد"، وذلك بعد أن نفدت الطبعة الأولى منه من السوق.
وقد نال الكتاب -بفضل الله تعالى- ثناء واستحسان أهل العلم، ولا سيما المشتغلين بعلوم الحديث الشريف، والله أسأل -بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى- أن يتقبل مني عملي، وأن يغفر لي زللي، إنه هو البر الرحيم.
وقد حرصت على أن تخرج هذه الطبعة منقحة ومصصحة مما شابها من بعض الأخطاء التي لحقتها في الطبعة الأولى.
والذي أود التنبيه عليه: أن هذه الطبعة هي الطبعة الشرعية الوحيدة لكتابي هذا، وأن أيَّ طبعة تصدر منه خلاف هذه الطبعة وما يلحقها من طبعات أخرى في المستقبل -إن شاء الله تعالى- والتي تصدر جميعًا عن دار الإمام البخاري للنشر والتوزيع بدولة قطر، فأي طبعة أخرى بخلاف ذلك تُعدُّ طبعة غير شرعية، ولا يجوز بيعها ولا شراؤها.
وصلى الله على نبينا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
وكتبه
أبو عبد الله خليل بن عوض الله المطيري العربي
١٢/ ٨/١٤٢٨هـ
الموافق ٢٥/ ٨/ ٢٠٠٧ م
الدوحة- قطر
1 / 5
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة الطبعة الأولى
إنَّ الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أَعمالنا.
مَنْ يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَنْ يضللْ فلا هادي له.
وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فهذا كتاب يشتمل على أكثر الرواة الذين لم يعرفهم الحافظ الهيثمي ﵀ في كتابه المشهور: "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" قمت فيه بتعريفهم اسمًا، ونسبة، وكنية، مع ذكر أهم وأشهر المصادر التي ترجمت لهم.
وتعود فكرة العمل في هذا الكتاب حينما كنت أعمل بأحد المكاتب المعنية بتحقيق التراث بمصر، وقد أسند إلى وقتها كتاب "المعجم الكبير" للإمام الطبراني ﵀ كي أقوم بتعيين أسماء الرواة لا سيما أولئك الذين يذكرون في أسانيد المعجم بأسمائهم فقط دون ذكر باقي نسبتهم.
ولما كان "المعجم الكبير" أحد المصادر الستة لكتاب "مجمع الزوائد" كان الحافظ الهيثمي يتناول رواة "المعجم" -وغيره- بالكلام عليهم توثيقًا، وتجريحًا، وكان يصرّح في كثير منهم بعدم معرفته لهم، وكنت في الوقت نفسه أجد -بتوفيق من عند الله جل وعلا- لهؤلاء الرواة تراجم في أكثر من مصدر حديثي، وكثير منهم لهم من الشهرة ما لهم.
1 / 7
وكنت أدوّن ذلك في كراس خاص، حتى كثر عدد الرواة فوق ما كنت أتخيله، مما جعلني أفكر جديًا بتصنيف كتاب مستقل يشتمل على كل من قال فيهم الحافظ الهيثمي: لم أجده، وما شابهه.
فقمت بعرض الفكرة على شيخنا المفضال الأستاذ المحدث محمَّد عمرو بن عبد اللطيف، فرحب بالفكرة ترحيبًا كبيرًا، وحثني على البدء في العمل فيه.
إلا أن هذه الفكرة ظلت أسر الحبس أكثر من عشر سنوات بسبب بعض الظروف الصعبة التي كنت أمر بها في هذه الفترة، ولكني كنت أتحيّن الفرصة من حين لآخر بالعمل فيه، حتى يسر الله لي التفرغ له، والتصدي لإنهائه.
وإنني بإنهاء هذا العمل أتوجه بالحمد والشكر لله رب العالمين، الذي وفقني لذلك، ثم أتوجه بالشكر الجزيل لشيخي الكريم محمَّد عمرو بن عبد اللطيف، الذي كان لحثه الدائم ونصحه لي بالعمل في هذا الكتاب وإنهائه الأثر الكبير في ذلك.
فجزاه الله عنا خير الجزاء.
هذا، وقد سميت الكتاب: "الفرائد على مجمع الزوائد"
والله أسأل أن يتقبله مني، وأن ينفع به المسلمين.
1 / 8
سبب تصنيف هذا الكتاب
وكان من دواعي عملي في هذا الكتاب أني وجدت كثيرًا من المشتغلين بعلم الحديث الشريف في هذا العصر يعتمدون على كلام الحافظ الهيثمي ﵀ اعتماد كبيرًا، فمن قال فيه الهيثمي:
لا أعرفه، وما شابهه، سلَّموا لكلامه دون أدنى بحث أو تفتيش وراءه، ثم حكموا على الحديث بالضعف، وجعلوا ذلك سبب علته! والواقع خلاف ذلك، فكم من راوٍ قال عنه الهيثمي: لا أعرفه، أو لم أجد له ترجمة، وهو من مشاهير الرواة، وأكثر من قال فيهم ذلك هم من رواة "التهذيب"، على ما سيراه القارئ الكريم في كتابنا هذا.
والمقصود هنا: أنه لا ينبغي لمن تصدَّى لهذا العلم الشريف الاقتصار على كلام الحُفّاظ المتأخرين، ضاربًا بأقوال الأئمة المتقدمين، عرض الحائط ذاهلًا عن البحث في تصانيفهم؛ بل يجب العناية كل العناية بكتب الأصول، وأمهات كتب التراجم لأئمتنا المتقدمين؛ فإنهم كانوا بالعهد النبوي أقرب من غيرهم، ولطرق الحديث وعلله، ومشافهة المشايخ، وسبر أحوالهم أعلم ممن جاءوا من بعدهم.
طريقة عملي في هذا الكتاب:
١ - يصرّح الحافظ الهيثمي في كتابه "المجمع" بأسماء الرواة تارة فيقول: "فيه فلان لم أعرفه"، وأخرى لا يصرح بشيء، ويكتفي بالقول: "وفي إسناده جماعة لم أعرفهم". ولا يسمي أحدًا منهم، فقمت -أولًا- بترجمة الرواة الذين صرّح بأسمائهم، ورتبتهم على حروف الهجاء، وجعلتهم القسم الأول من الكتاب مع عزو كل راوٍ إلى موضعه من "المجمع".
1 / 9
وأما الرواة الذين أبهمهم، ولم يسم أحدًا منهم فقمت -ثانيًا- بترجمة جميع رواة السند، ورتبتهم على حسب مجيئهم في "المجمع" وجعلتهم قسمًا ثانيًا للكتاب.
٢ - حرصت في كتابي هذا على الاختصار في سياق الترجمة، قدر المستطاع، فمتى وجدت صاحب الترجمة من رجال التهذيب، عزوته لـ"تهذيب الكمال" اللحافظ المزي ﵀ دون غيره، إلا إذا كان هناك شيء مهم لم يذكره الحافظ المزي، من توثيق وتجريح، أو جمع وتفريق، وما شابه ذلك فسأذكره بعون الله تعالى.
وكذلك الحال إذا كان صاحب الترجمة في كتاب "لسان الميزان"، وقد استُوفيت ترجمته فيه، اقتصرت على العزو إليه دون غيره، إذ الغاية من كتابي هذا الوصول إلى معرفة الراوي دون الإسهاب في ذكر مصادر ترجمته.
٣ - متى عزوت صاحب الترجمة لمصدر من كتب الرجال، وقلت: "وذكر له روايته عن فلان، أو: رواية فلان عنه" ثم قلت: "وهو الراوي عنه حديثه هذا" فالمراد بالحديث هنا هو ما أورده له الهيثمي في "المجمع".
٤ - لعلي أذكر أقوامًا لم أجد فيهم جرحًا ولا تعديلًا، ولكن وقفت على شيء آخر غير ذلك، قد يكون مُعِيْنًا في الوقوف على ترجمته؛ كزيادة نسبة، أو ذكر كنية، أو نسبته لجده، أو زيادة ذكر راوٍ عنه، وما شابه ذلك.
وذلك مثل ترجمة: الأصم بن هرمز، طالب بن قرة، علي بن المبارك الصنعاني، محمَّد بن رجاء، أبي البكرات.
٥ - صنعت مقدمة بيّنت فيها كيفية البحث عن ترجمة للراوي المراد معرفته، مبينًا فيها الأسباب التي تؤدي إلى عدم التوفيق في العثور على تراجم الرواة، والوقوف على مصادر ترجمته.
هذا، ولعلي أكون بهذا الكتاب قد وضعت بعض العناء عن إخواني الكرام -أهل الحديث- في البحث والتفتيش عن تراجم الرواة، ولا سيما أولئك المذكورين في كتاب "مجمع الزوائد".
1 / 10
سائلًا أرحم الراحمين أن يشملني برحمته، وأن يجعل هذا الكتاب في ميزان حسناتي، إنه نعم المولى ونعم النصير.
يا ناظرًا في الكتاب بعدي ... مجتنيًا من ثمار جهدي
بي افتقار إلى دعاءٍ ... تهديه لي في ظلام لحدي
أصبحت بعد الغنى فقيرًا ... وبعد جمع الجموع وحدي
وكتبه
خليل بن محمَّد بن عوض الله العربي
الدوحة - قطر
الاثنين: ١٤/ ٦/ ١٤١٩هـ
الموافق: ٥/ ١٠/ ١٩٩٨ م
1 / 11
كيفية البحث عن تراجم الرواة
أولًا: التاكد من صحة اسم الراوي، وأنه لم يقع فيه تصحيف، أو تحريف، أو زيادة، أو سقط، أو قلب.
وهذه أمثلة لأغلب الأسماء التي وقع فيها تغيير من تصحيف، وتحريف، من كتاب "مجمع الزوائد" والتي لم يستطع الهيثمي بسببها الوقوف على تراجم لها.
الخطأ ... الصواب ... الخطأ ... الصواب
إبراهيم ... أزهر ... عبد الحميد ... عبد المجيد
أحمد ... أحمر، حمار ... عبد الوهاب ... عبيد الله
إسحاق ... يحيى ... عبيد الله ... عبد الله
أسعد ... إسحاق ... عتبة ... عقبة، عمير
أمية ... بنية ... عمر ... عمرو، عمير
جابر ... حاتم ... عمرو ... عمر
بشر ... سبرة ... عمير ... عبيد
بن ... عن ... عدي ... يحيى
جبير ... جنين ... عن ... بن
حازم ... خازم ... عيسى ... يحيى
حسان ... غسان ... عياش ... عباد
حسن ... حبيب ... عيينة ... عنبسة
حطان ... خطاب ... القاسم ... الهيثم
زكوان ... داود ... محدر ... محرر
زيد ... بدر، يزيد ... محمد ... بحر
1 / 12
الخطأ ... الصواب ... الخطأ ... الصواب
سعد ... سعيد (والعكس) ... مروان ... مرزوق
سلمة ... مسلم ... معتمر ... محمد
سميرة ... شميلة ... معلى ... محمد
شعبة ... شيبة ... مهدي ... مرة
شعيب ... شعبة ... وهب ... موهب
شهيد ... حبيب ... يحيى ... بحر، الجزار، جميل، محمد
عامر ... غابر ... يزيد ... ثوبر
عباس ... عياش ... يسار ... بشار
عبد الله ... عبيد الله
ومن أيسر السبل للتأكد من عدم وقوع تغيّر في اسم الراوي:
أ - البحث عنه في ترجمة شيخه في الرواة عنه.
ب- البحث عنه في شيوخ تلميذه الذي روي عنه.
ج- البحث عن حديثه في مصدر آخر بشرط أن يكون مرويًا بنفس السند، أو ببعضه، على أن يكون مذكورًا فيه.
وأنا أذكر هنا مثالًا تطبيقًا لما ذكرنا: جاء في الجزء الثالث -تجزئة الأصل -من كتاب: "التاريخ الكبير" (١) للإمام البخاري ﵀ ما يلي:
"حدثنا علي بن يحيى، نا جابر بن إسماعيل مولى المودير، عن عبد الرحمن".
وهذا السند -من أوله إلى آخره- كله محرف، وبيانه كالآتي:
_________
(١) (٥/ ٣٣٧) رقم (١٠٧٣)، وتجدر الإشارة هنا أن هذا الجزء الثالث لم يحققه العلامة اليماني ﵀ لأنه كان مفقودًا في حياته.
1 / 13
١ - قوله: "حدثنا علي بن يحيى" تحريف، وصوابه: علي بن بحر، وهو ابن بري القطان، أبو الحسن البغدادي، روى عن حاتم بن إسماعيل -شيخه في هذا السند- على ما سيأتي بيانه (١).
٢ - قوله: "جابر بن إسماعيل مولى المودير" تحريف أيضًا، وصوابه: حاتم بن إسماعيل، وهو أبو إسماعيل المدني، وقد جاء على الصواب عند ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٢) لمَّا ذكر إسناد هذه الرواية في ترجمة غنام والد عبد الرحمن بن غنام.
٣ - قوله: "مولى المودير" وجعلها المحقق نسبة لجابر بن إسماعيل، وهذا وهم شديد ناتج عن السقط في السند، وعدم الإتقان في قراءة المخطوط، فقوله: "المودير" تحريف، وصوابه: "المؤذن" وهذه النسبة لإسماعيل المؤذن، فصواب السند: "علي بن بكر، نا حاتم بن إسماعيل، عن إسماعيل المؤذن مولى عبد الرحمن بن غنام، عن عبد الرحمن".
هكذا جاء السند بتمامه على الصواب في "الإصابة" (٣) للحافظ ابن حجر ﵀ وببعضه عند ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٤).
إلا أنه تجدر الإشارة للباحث بألا ينخدع بإتيان اسم الراوي في أكثر من مصدر بنفس الاسم، ولا سيما وأن هذه المصادر المتنوعة لمصنف واحد، وذلك أنه قد يهم ذلك المصنف نفسه في اسم هذا الراوي فيورده في تصانيفه كلها على الخطأ، وانظر مثالًا لذلك في ترجمة يونس بن بكير من هذا الكتاب.
ومسألة التغيير في اسم الراوي سواء كان من تصحيف، أو تحريف، أو قلب لم يسلم منها كثير من أئمة هذا الشأن؛ لأنها -كما قال الإمام عبد الغني
_________
(١) انظر: تهذيب الكمال (٢٠/ ٣٢٥ - ٣٢٦).
(٢) (٧/ ٥٨).
(٣) (٥/ ١٩١).
(٤) (٧/ ٥٨).
1 / 14
الأزدي في مقدمة كتابه "المؤتلف"-: "شيء لا يدخله القياس، ولا قبله شيء، ولا بعده شيء يدل عليه".
ولهذا قال الإِمام أحمد ﵀: "ومن يعرى عن الخطأ والتصحيف؟ ".
ومن أعجب ما وقفت عليه في ذلك ما وقع للإمام أبي حاتم الرازي ﵀ في كتابه "علل الحديث" (١) لما سأله ابنه عن حديث رواه محمَّد بن أبي موسى الأنطاكي، عن حجاج بن محمَّد، عن ابن جريج قال: أخبرني زياد بن حميد، عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: "خير ما تداويتم به الحجامة ... " الحديث.
ثم قال ابن أبي حاتم: قال أبي: "زياد لا يدرى من هو، وإنما يروى هذا الحديث عن حميد، عن أنس، عن النبي ﷺ".
قلت: والاسم تَصَحَّف هنا على الإِمام أبي حاتم ﵀ وصوابه: زياد، عن حميد، عن أنس، عن النبي ﷺ، فتصحفت "عن" إلى "بن" فلم يعرفه، وزياد هذا هو ابن سعد بن عبد الرحمن الخراساني، وثقه أبو حاتم نفسه (٢).
وقد جاء الحديث على الصواب عند النسائي في "الكبرى" (٣) من طريق ابن جريج قال: أخبرني زياد بن سعد، عن حميد الطويل به.
ثانيًا: وإذا تيقنا أن اسم هذا الراوي لم يقع فيه أي شكل من أشكال التغيير، وكان مذكورًا بكنيته، أو بنسبته، أو باسمه فقط دون ذكر باقي نسبه فتختلف طرق البحث عنه بحسب مجيئه في السند على نحو ما يأتي:
أ- كأن يروي -في هذا السند بعينه- عن شيخ مقل في رواية الحديث، فهذا الشيخ -في الغالب- الرواة عنه محصورون ومذكورون في ترجمته.
_________
(١) (٢/ ٢٩٤ - ٢٩٥) رقم (٢٣٨٨).
(٢) الجرح والتعديل (٣/ ٥٣٣).
(٣) السنن الكبرى (٤/ ٣٧٦).
1 / 15
ب- أو يكون اسمه، أو كنيته، أو نسبته من المتشابهات، فيجدر على الباحث هنا ألا يغفل عن البحث في المصنفات المعنية بالمتشابه، وهي كثيرة، ومنها: "المؤتلف والمختلف" للدراقطني، و"الإكمال" لابن ماكولا -وهو أجمع ما صُنِّف في ذلك- "المشتبه" للإمام الذهبي، و"توضيحه" لابن ناصر الدين الدمشقي، وغير ذلك الكثير.
ج- أو يذكر بكنيته فقط، فيتجه البحث وقتها في المصنفات الخاصة بكنى الرواة، ومنها: "كنى" البخاري، وابن أبي حاتم المذكورين في آخر كتابيهما، و"كنى" مسلم، وأبي أحمد الحاكم، والدولابي، وغيره.
د- أو يذكر بنسبته فقط، فيبحث عنه في كتب الأنساب، ومن أجمعها كتاب: "الأنساب" للسمعاني، على إعواز فيه كبير.
هـ - أو أن يكون منسوبًا لجده، وهنا ينبغي على الباحث أن يتفطن لذلك، فكم من محدّث كبير وقع له اسم راوٍ في سندٍ ما منسوبًا لجده فلم يعرفه.
وقد وجدت من إخواننا المشتغلين بعلم الحديث من ذلك الكثير، فتوفرت لي الهمَّة أن أجمع أسماء الرواة الذين يذكرون في الأسانيد منسوبين لأجدادهم دون ذكر آبائهم، وقد تحصل لي من ذلك الكثير، سواء من رواة التهذيب أو من غيره، وسوف أصدره -إن شاء الله تعالى- في مصنف مستقل باسم: "من نسب إلى جده من رواة الأحاديث".
و- إمعان النظر في رواة السند -عامة-، وفي شيخ هذا الراوي- محل البحث-، ومن روي عنه -خاصة-، وننظر إلى أي بلد، أو محلة ينتسبون إليها؛ فإن كان الإسناد شاميًا، فيجب البحث عنه في كتاب "تاريخ دمشق"، وإن كان بغداديًا، فيبحث عنه في "تاريخ بغداد"، وهكذا.
ولا سيما إن كان شيخ هذا الراوي معروفًا عنه باختصاص أهل محلة، أو بلدة معينة بالرواية عنه دون غيرهم.
1 / 16
وكذلك الحال فيمن روي عنه، فلعله لم تكن له رحلة، واكتفى بالرواية عن أهل بلده، أو الواردين إليها فقط.
ز- معرفة سنة وفاة هذا الراوي، كأن يصرح أحد الرواة عنه بأنه روي عنه في سنة معينة، فيبحث عنه في المصنفات التي صنفت على السنين، مثل كتاب ابن زبر الربعي، والبغوي، وتاريخ الإسلام للذهبي.
ح- وإذا لم نستطع الوقوف على سنة وفاته أو ما قاربها، فيبحث عنه في طبقة الرواة عن شيخه، ومن المصنفات الخاصة بطبقات الرواة: "طبقات" ابن سعد، "طبقات" خليفة العصفري، "ثقات" ابن حبان، و"السير" للذهبي، وغير ذلك الكثير.
وذلك كأن يكون شيخ الراوي -محل البحث- من التابعين مثلًا فيبحث عنه في طبقة أتباع التابعين، وهكذا.
ومعرفة زمن وفاة الراوي وطبقته من الضروري بمكان، فلا يليق بالباحث مثلًا أن يبحث عن ترجمة لشيخ من شيوخ البيهقي أو الحاكم في تاريخ البخاري الكبير، أو "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم، وغيرهما من كتب المتقدمين.
وعليه، فيجب الإلمام بتاريخ وفيات أصحاب الكتب المصنفة في "الجرح والتعديل"، حتى لا يتطرق البحث فيها عن راوٍ في طبقه أقل من طبقة صاحب الكتاب المراد البحث فيه.
ط- أن يكون في السند أحد الرواة المشهورين الذين اهتم من جاء بعدهم بجمع مروياتهم في أجزاء خاصة بهم، وهي كثيرة جدًا، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
١ - جزء الحسن بن عرفة.
٢ - من اسمه عطاء من أصحاب الحديث.
٣ - جزء تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور عاليًا لأبي نعيم الأصبهاني.
1 / 17
٤ - جزء فيه أحاديث نافع بن أبي نعيم لأبي بكر المقرئ.
٥ - مسانيد فراس بن يحيى لأبي نعيم الأصبهاني.
٦ - جزء ما رواه أبو الزبير عن غير جابر.
٧ - جزء فيه أحاديث أبي الشيخ الأصبهاني، انتقاء ابن مردويه.
ي- وكذلك الحال في كتب معاجم الشيوخ؛ كمعجم ابن الأعرابي، وابن المقرئ، ومشيخة ابن طهمان، وابن جميع الصيداوي، و"الأوسط" و"الصغير" للطبراني.
ثالثًا: أن يشترك راويان في الاسم، واسم الأب، وفي الرواية عن شيخ معيّن، وهذا من أصعب الأمور وأدقها في التمييز بين الرواة، وخاصة إن كان أحدهما ثقة، والآخر ضعيفًا، فكيف السبيل حينئذ للتمييز بينهما؟.
للإجابة عن هذا السؤال يجب اتباع ما يلي:
١ - النظر إلى الراوي عنهما، ومن خلال ذلك ستحل كثير من العقبات، وذلك:
* كأن يكون هذا الراوي معروفًا بالرواية عن أحدهما دون الآخر.
* أن يكون معروفًا بالرواية عن أهل بلدة معينة دون غيرها، ويكون أحد هذين الراويين ينسب إلى هذه البلدة.
* أن يكون معروفًا بالرواية عن الثقات فقط دون غيرهم.
إلا أن حلول هذه العقبات كلها قد تتعثر، وتتلاشى مع أدراج الرياح إذا وجدنا أن هذا الراوي يروي عن كل واحد منهما. ووقتها ستزداد المسألة صعوبة، وانظر في ذلك -على سبيل المثال-، ترجمة عبد الكريم الجزري من كتاب: "سير أعلام النبلاء" للحافظ الذهبي (٦/ ٨٣).
وأمثلة ذلك من الرواة وقعت لي كثيرًا، وكنت أدوّن ما وقع لي من ذلك في كراس خاصة، وأخذها مني بعضهم لكي يصور له منها نسخة، ثم لما طلبتها منه ادعى فقدانها قبل أن يصورها، والله تعالى المستعان.
1 / 18
وقد كنت تألمت كثيرًا بسبب فقدان هذا الكراس، حيث إني لم أجد من العلماء السابقين مَنْ أفرد لهذا النوع من الرواة مصنفًا خاصًا لأهميته الكبرى، إلا بعض النماذج القليلة التي أتت إلينا، ومنها ما جاء في كتاب: "المعجم في مشتبه أسامي المحدثين" لأبي الفضل الهروي، وما أورده تاج الدين السبكي في "طبقاته" (١٠/ ٤٠٦) عن الإمام المزي، والفصل الذي عقده الحافظ الذهبي في آخر ترجمة حماد بن زيد من كتابه: "السير" (٧/ ٤٦٤ - ٤٦٦) ولكنها أبحاث قليلة، لا تشفي عليلًا.
٢ - وإذا لم نستطع أن نميِّز أحد الراويين منهما بإحدى الطرق السابقة ننظر إلى صاحب التصنيف الذي أخرج هذه الرواية في مصنفه، فإن كان معروفًا عنه أنه أخرج لأحد هذين الراويين دون الآخر، أو أنه اشترط ألا يخرج في مصنفه إلا الثقات فقط دون غيرهم استطعنا التمييز بينهما.
٣ - كثرة البحث والتفتيش عن إسناد هذه الرواية في مصدر آخر مخرج فيه، فلعله نسب فيه بشيء زائدٍ يكون دليلًا للتمييز بينهما.
٤ - وأما إذا كان هذان الراويان ثقتين، أو ضعيفين بدرجة متقاربة في الضعف، فالخطب حينئذٍ سهل، حيث يمكن الحكم على الرواية بالصحة في حالة ثبوت ثقة كل واحد منهما، أو الضعف في حالة ضعفهما جميعًا.
رابعًا: أن يكون الراوي من نسل مشهور اعتنت كتب الأنساب بإيراد هذا النسل فيها، كأن يكون مثلًا من نسل مشاهير الصحابة ﵃ كالعشرة المبشرين بالجنة، وأهل البيت، والخلفاء من بني أُميّة، وبني العباس، وغيرهم، ومن أشهر الكتب في ذلك: "المعرفة" لابن قتيبة، و"طبقات" ابن سعد، و"طبقات" خليفة العصفري، و"جمهرة" ابن حزم، وغيرهم.
خامسًا: التأكد من عدم انقلاب اسم الراوي، وهذه المسألة وقع فيها بعض كبار أهل العلم حيث انقلب عليهم أسماء رواة، فلم يعرفوهم، ومنهم - على سبيل المثال-: ابن أبي حاتم الرازي ﵀، فقد ترجم في "الجرح
1 / 19
والتعديل" (٦/ ١٠٣) لعمر بن حفص قاضي عمان، ونقل عن أبيه قوله فيه: "ليس بمعروف، وإسناده مجهول".
فتعقبه الحافظ ابن حجر ﵀ في "اللسان" (٥/ ٢٩١) بقوله: "وهذا مِمَّا انقلب اسمه على ابن أبي حاتم، والصواب أنه: حفص بن عمر، وهو ابن السائب المخزومي".
ثم نقل عن ابن عساكر قوله: "حديثه مستقيم، وقَلَبَ ابن أبي حاتم اسمه".
ومنهم أيضًا الحافظ أبو الحسن ابن القطان الفاسي، فقد قال في كتابه: "بيان الوهم والإيهام" (٣/ ١٦٥) رقم (٨٧٢): "صدقة بن عبيد؛ لا تعرف حاله".
فتعقَّبه ابن حجر في "اللسان" (٤/ ١٨٨) بقوله: "قد انقلب عليه؛ وإنما هو عبيد بن صدقة، ولا بأس به".
وكذلك انظر ترجمة: عبد الله بن عبد الرحمن، وهشام بن حزام من كتابنا هذا.
سادسًا: التأكد من عدم سقط جزء من اسم الراوي من السند، فلعله يذكر باسم أبيه فقط فلا يعرف، وذلك مثل سعيد، جعفر، ومروان الذهلي من هذا الكتاب.
سابعًا: التأكد من خلو السند من أي راوٍ هالك يهم في ذكر رواة في السند ليس لهم وجود على الحقيقة.
وذلك مثل: الحارث بن سعد، الزبير بن هالة، من كتابنا هذا.
ثامنًا: التأكد من خلو السند من المدلِّسين، ولا سيما أولئك الذين يدلِّسون أسماء الشيوخ، وانظر مثال ذلك: ترجمة كادح بن رحمة من كتاب:
"تعليقات الدارقطني على المجروحين لابن حبان" (٢٢٥ - ٢٢٦) و"علل ابن أبي حاتم الرازي" (٢/ ٣٩٢) رقم (٢٦٨٦).
1 / 20
تاسعًا: التأكد من عدم تطرق زيادة في اسم الراوي، سواء كان في أوله، أو وسطه، أو آخره، وانظر: محمَّد بن إبراهيم بن الوليد، وعمرو بن القاسم من هذا الكتاب. والله أعلم (١).
وثمة طرق أخرى في البحث عن تراجم الرواة، وإنما تتوقف معرفتها على إلمام الباحث، وخبرته الحديثية، والنية متجهة -إن شاء الله تعالى- لإفراد بحث خاص موشَع في ذلك.
والآن فلنشرع في بيان المقصود:
_________
(١) وانظر الميزان (٣/ ٢٨٩/ ٦٤٤٩).
1 / 21
القسم الأول من الكتاب
1 / 23