179

Al-Bustan fi I'rab Mushkilat al-Qur'an

البستان في إعراب مشكلات القرآن

ایڈیٹر

الدكتور أحمد محمد عبد الرحمن الجندي

ناشر

مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

ایڈیشن

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

اصناف

قيل: كانت السماواتُ مرتَّقةً طبقةً واحدةً ففتقها فجعلها سبعَ سماوات، وكذلك الأرَضُونَ كانت مرتَّقةً طبقًا واحدًا ففَتقَها فجعلها سبعَ أرَضِين، وقيل: كانت السماء معَ الأرض جميعًا، ففتقهما اللَّه بالهواء الذي جُعِل بينهما، وقيل: كانت السماء رَتْقاءَ لا تمطر ففتقها بالمطر، وكانت الأرض رَتْقاءَ لا تنبت ففتقها بالنبات، نظيره قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ (^١).
وأصل الرَّتق: السدُّ، ومنه قيل للمرأة التي فرجُها ملتحم: رتقاءُ، وأصل الفَتْق: الفتح، وإنما وحَّد الرتقَ وهو من نعت السماواتِ والأرض، لأنه مصدرٌ وُضع موضعَ الاسم، مثلَ: الزَّوْر والصوم والفطر والعدل ونحوِها، والمعنى: كانتا ذواتي رتق (^٢).
قوله: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ يعني: أنّ كلَّ شيءٍ خُلِقَ من الماء، نظيره قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ﴾ (^٣).
"ولَمْ يصرَّح اللَّه تعالى بذكر الخبز والطعام لقلّته عنده، فصرح بذكر الماء لأنه شرفُه، إذْ كان كل شيءٍ خَلَقَهُ -من الحيوان والفاكهة وغير ذلك- حياتُهُ بالماء" (^٤)، وخَفَضَ حَيًّا على النعت لـ "شيء".

(^١) الطارق ١١، ١٢.
(^٢) قاله أبو عبيدة والزجاج، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٣٧، معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٩٠، وينظر أيضًا: إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٦٩، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٨٣، والزَّوْرُ: مصدر بمعنى الزائر، والصَّوْمُ مصدر بمعنى الصائم، والفِطْرُ مصدر بمعنى المُفْطِرِ، والعَدْلُ مصدر بمعنى العادل، والمؤلف هنا اختار رأي البصريين في أن المصدر المنعوت به إنما هو على تقدير مضاف.
(^٣) النور ٤٥.
(^٤) من أول قوله: "ولم يصرح اللَّه" حكاه أبو عمر الزاهد عن ابن الأعرابِي في ياقوتة الصراط ص ٢٢٩.

1 / 187