Al-Budur Al-Zahirah in the Ten Mutawatir Readings - Abdul Fattah Al-Qadi
البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة - عبد الفتاح القاضي
ناشر
دار الكتاب العربي
ایڈیشن نمبر
الأولى ١٤٠١ هـ
اشاعت کا سال
١٩٨١ م
پبلشر کا مقام
بيروت - لبنان
اصناف
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الوعد الأمين سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(أما بعد) فلما رأيت حاجة طلاب المرحلة الأولى من معهد القراءات ماسة إلى كتاب يجمع ما في الشاطبية والدرة من القراءات، وضعت هذا الكتاب، وضمنته القراءات العشر من طريقي التيسير والتحبير، والشاطبية والدرة، وقد سلكت فيه مسلك صاحب غيث النفع في ترتيبه ونظامه، فأذكر كل ربع من القرآن الكريم على حدة. وأذكر ما فيه من كلمات الخلاف كلمة كلمة مبينا خلاف الأئمة العشرة في كل منها، سواء أكان ذلك الخلاف من قبيل الأصول، أم من قبيل الفرش، وبعد الانتهاء من الربع على هذه الكيفية أذكر آخر كلمة فيه وأنبه على أنها آخر الربع. ثم أقول " الممال " وأحصر جميع الكلمات الممالة، ضاما النظير إلى نظيره، مبينا عند كل كلمة ونظيرها من يميلها ومن يقللها، غير أنى لم أحذ حذو صاحب الغيث في جمعه بين من يميل ومن يقلل كقوله: الدنيا لهم وبصرى، من غير أن يميز المميلين من المقللين اعتمادا على ما ذكره في المقدمة من قاعدة كل منهم. بل أذكر الكلمة ومثيلاتها ثم أصرح باسم من يميلها باتفاق أو اختلاف ومن يقللها كذلك زيادة في البيان، ومبالغة في الإيضاح. ثم بعد الفراغ من بيان " الممال " على هذا الوجه أقول " المدغم " وأقسمه إلى قسمين: صغير وكبير، فأبدأ بالصغير وأذكر فيه ما احتواه الربع من الكلمات التي يتحقق فيها هذا النوع من الإدغام، ثم أبين من يظهرها ومن يدغمها من القراء العشرة، ثم أثنى بالكبير فأستوعب الكلمات التي يتحقق فيها هذا النوع من الإدغام أيضا ولكنى لا أنبه على من يدغمها اعتمادا على ذكره في أول ربع من القرآن. ولأنه من المعلوم بداهة عند المشتغلين بهذا الفن أن السوسي هو صاحب هذا المذهب. فإن وافقه أحد من العشرة على إدغام بعض الكلمات أنبه عليه فأقول:
" وقد وافقه على إدغام كذا من الكلمات فلان "
وسوف لا أتعرض لشيء من أبواب الأصول، اكتفاء بذكر قاعدة كل قارئ أو راو
1 / 5
عند أول موضع، واستغناء عن ذلك بذكر جميع هاءات الضمير وبيان حكمها في مواضعها.
وذكر جميع الألفاظ الممالة في القرآن الكريم وبيان حكمها لجميع القراء. وحصر جميع الألفاظ المدغمة سواء كان إدغامها من قبيل الإدغام الصغير أم من قبيل الإدغام الكبير مع بيان حكمها أيضا. واستقصاء ياءات الإضافة. وياءات الزوائد مع بيان حكم كل في موطنه، وسأعنى - إن شاء الله تعالى - بباب وقف حمزة وهشام على الهمز لدقته، وصعوبة مسلكه. فلا أترك كلمة من الكلمات المهموزة إلا وأبين - في إيضاح وجلاء - ما فيها من الأوجه لهما عند الوقف إلا إذا تكررت كثيرا فأكتفي بالإشارة إلى ما فيها من الأوجه. وقد أجمع الكلمات المنتشرة في الربع المبعثرة في جوانبه التي تكررت مرارا سواء كانت من الأصول أم من الفرش. مثل الصلاة. خيرا. البيوت. القرآن. إسرائيل، وأنظمها في سلك واحد، وأحكم عليها حكما واحدا فأقول " جلي " أو " واضح " أو " لا يخفى " طلبا للاختصار. وحذرا من كثرة التكرار.
وقد التزمت في بيان أواخر الأرباع ما في المصحف المصري الأميري سواء وافق ما في الغيث أم خالفه.
ويعلم الله أني لم أدخر وسعا في توضيح العبارة، وتبسيط الأسلوب، وتجنب التعقيد، والبعد عن الصعوبة ما استطعت إلى ذلك سبيلًا.
وأملي في ربي ﷻ وطيد أن يكسو هذا الكتاب ثوب القبول، وأن ينفع به العاكفين على دراسة هذا العلم الجليل، وأن يضعه في كفة الحسنات من ميزان عملي، وأن يجعله لي ضياء ونورا يسعى بين يدي (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشرا كم اليوم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم) .
خادم العلم والقرآن
عبد الفتاح القاضي
1 / 6
مقدمة
" في مبادئ علم القراءات "
تعريفه: هو علم يعرف به كيفية النطق بالكلمات القرآنية، وطريق أدائها اتفاقا واختلافا مع عزو كل وجه لناقله.
موضوعه: كلمات القرآن من حيث أحوال النطق بها، وكيفية دائها.
ثمرته وفائدته: العصمة من الخطأ في النطق بالكلمات القرآنية، وصيانتها عن التحريف والتغيير، والعلم بما يقرأ به كل من أئمة القراءة، والتمييز بين ما يقرأ به ومالا يقرأ به.
فضله: أنه من أشرف العلوم الشرعية، أو هو أشرفها لشدة تعلقه بأشرف كتاب سماوي منزل.
نسبته إلى غيره من العلوم: التباين.
واضعه: أئمة القراءة، وقيل أبو عمر حفص بن عمر الدوري. وأول من دون فيه أبو عبيد القاسم بن سلام.
اسمه: علم القراءات، جمع قراءة بمعنى وجه مقروء به.
استمداده: من النقول الصحيحة والمتواترة عن علماء القراءات الموصولة إلى رسول الله ﷺ.
حكم الشارع فيه: الوجوب الكفائي تعلما وتعليما.
مسائله: قواعده الكلية كقولهم: كل ألف منقلبة عن ياء يميلها حمزة والكسائي وخلف، ويقللها ورش بخلف عنه - وكل راء مفتوحة أو مضمومة وقعت بعد كسرة أصلية أو ياء ساكنة يرققها ورش، وهكذا.
القراء العشرة ورواتهم وطرقهم (١)
القراء:
" نافع المدني ": هو أبو رويم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي، أصله من أصفهان، وتوفي بالمدينة سنة تسع وستين ومائة.
_________
(١) - نقلت هذا الفصل من تحبير التيسير للمحقق ابن الجزري مع شيء من الإيجاز والتنسيق.
1 / 7
" ابن كثير " هو عبد الله بن كثير المكي. وهو من التابعين. وتوفي بمكة سنة عشرين ومائة.
" أبو عمرو البصري " هو زيان بن العلاء بن عمار المازني البصري. وقيل اسمه يحيى، وقيل اسمه كنيته، وتوفي بالكوفة سنة أربع وخمسين ومائة.
" ابن عامر الشامي " هو عبد الله بن عامر الشامي اليحصبي قاضي دمشق في خلافة الوليد بن عبد الملك، ويكنى أبا عمران، وهو من التابعين، وتوفي بدمشق سنة ثمان عشرة ومائة.
" عاصم الكوفي " هو عاصم بن أبي النجود، ويقال له ابن بهدلة، ويكنى أبا بكر، وهو من التابعين، وتوفي بالكوفة سنة ثمان وعشرين ومائة.
" حمزة الكوفي " هو حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات الفرضي التيمي، ويكنى أبا عمارة وتوفي بحلوان في خلافة أبي جعفر المنصور سنة ست وخمسين ومائة.
" الكسائي الكوفي " هو علي بن حمزة النحوي، ويكنى أبا الحسن، وقيل له الكسائي من أجل أنه أحرم في كساء - وتوفي " برنبوية " قرية من قرى الري حين توجه إلى خراسان مع الرشيد سنة تسع وثمانين ومائة.
" أبو جعفر المدني " هو يزيد بن القعقاع، وتوفي بالمدينة سنة ثمان وعشرين ومائة.
" يعقوب البصري " هو أبو محمد يعقوب بن إسحاق بن زيد الحضرمي، وتوفي بالبصرة سنة خمس ومائتين.
" خلف " هو أبو محمد خلف بن هشام بن ثعلب البزار البغدادي، وتوفي سنة تسع وعشرين ومائتين.
الرواة:
" راويا نافع " قالون وورش. فأما قالون فهو عيسى بن مينا بالمد والقصر، المدني معلم العربية ويكنى أبا موسى. وقالون لقب له أيضا، يروى أن نافعا لقبه به لجودة قراءته؛ لأن قالون بلسان الروم جيد، وتوفي بالمدينة سنة عشرين ومائتين.
وأما ورش: فهو عثمان بن سعيد المصري، ويكنى أبا سعيد، وورش لقب له، لقب به فيما يقال لشدة بياضه، وتوفي بمصر سنة سبع وتسعين ومائة.
" راويا ابن كثير " البزي، وقنبل. فأما البزي فهو أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة المؤذن المكي، ويكنى أبا الحسن، وتوفي سنة خمسين ومائتين.
وأما قنبل: فهو محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خالد بن سعيد المكي المخزومي، ويكنى أبا عمرو، ويلقب قنبلا، ويقال هم أهل بيت بمكة يعرفون بالقنابلة، وتوفي بمكة سنة إحدى وتسعين ومائتين. روى البزي وقنبل القراءة على ابن كثير باسناد.
" راويا أبي عمرو " الدوري والسوسي: فأما الدوري فهو أبو عمر حفص بن عمر بن عبد العزيز الدوري النحوي، والدور موضع ببغداد، توفي سنة ست وأربعين ومائتين. وأما السوسي فهو أبو شعيب
1 / 8
صالح بن زياد بن عبد الله السوسي، توفي سنة إحدى وستين ومائتين، رويا القراءة عن أبي محمد يحيى بن المبارك العدوي المعروف باليزيدي عنه.
" راويا ابن عامر " هشام وابن ذكوان: فأما هشام فهو هشام بن عمار بن نصير القاضي الدمشقي، ويكنى أبا الوليد، وتوفي بها سنة خمس وأربعين ومائتين.
وأما ابن ذكوان فهو عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان القرشي الدمشقي ويكنى أبا عمرو، ولد سنة ثلاث وسبعين ومائة، وتوفي بدمشق سنة اثنتين وأربعين ومائتين رويا القراءة عن ابن عامر باسناد.
" راويا عاصم " شعبة وحفص: فأما شعبة فهو أبو بكر شعبة بن عياش بن سالم الكوفي، وتوفي بالكوفة سنة ثلاث وتسعين ومائة.
وأما حفص فهو حفص بن سليمان بن المغيرة البزاز الكوفي، ويكنى أبا عمرو، وكان ثقة قال ابن معين: هو أقرأ من أبي بكر وتوفي سنة ثمانين ومائة.
" راويا حمزة " خلف وخلاد فأما خلف فهو خلف بن هشام البزار، ويكنى أبا محمد، وتوفي ببغداد سنة تسع وعشرين ومائتين. وأما خلاد فهو خلاد بن خالد، ويقال ابن خليد الصيرفي الكوفي، ويكنى أبا عيسى، وتوفي بها سنة عشرين ومائتين.
رويا القراءة عن أبي عيسى سليم بن عيسى الحنفي الكوفي عن حمزة.
" راويا الكسائي " أبو الحارث وحفص الدوري: فأما أبو الحارث فهو الليث بن خلد البغدادي، توفي سنة أربعين ومائتين. وأما حفص الدوري فهو الراوي عن أبي عمرو، وقد سبق ذكره.
" راويا أبي جعفر " ابن وردان وابن جماز: فأما ابن وردان فهو أبو الحارث عيسى بن وردان المدني، وتوفي بالمدينة في حدود الستين ومائة. وأما ابن جماز فهو أبو الربيع سليمان ابن مسلم بن جماز المدني، وتوفي بها بعيد السبعين ومائة.
" راويا يعقوب " رويس، وروح: فأما رويس فهو أبو عبد الله محمد بن المتوكل اللؤلؤي البصري، ورويس لقب له، وتوفي بالبصرة سنة ثمان وثلاثين ومائتين. وأما روح فهو أبو الحسن روح بن عبد المؤمن البصري النحوي، وتوفي سنة أربع أو خمس وثلاثين ومائتين.
" راويا خلف " إسحاق وإدريس: فأما إسحاق فهو أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عثمان الوراق المروزي ثم البغدادي، وتوفي سنة ست وثمانين ومائتين. وأما إدريس فهو أبو الحسن إدريس بن عبد الكريم البغدادي الحداد، وتوفي في يوم الأضحى سنة اثنتين وتسعين ومائتين.
الطرق
" طريق قالون " أبو نشيط محمد بن هارون.
1 / 9
" طريق ورش " أبو يعقوب يوسف الأزرق.
" طريق البزي " أبو ربيعة محمد بن إسحاق.
" طريق قنبل " أبو بكر أحمد بن مجاهد.
" طريق الدوري " أبو الزعراء عبد الرحمن بن عبدوس.
" طريق السوسي " أبو عمران موسى بن جرير.
" طريق هشام " أبو الحسن أحمد بن يزيد الحلواني.
" طريق ابن ذكوان " أبو عبد الله هارون بن موسى الأخفش.
" طريق شعبة " أبو زكريا يحيى بن آدم الصلحي.
" طريق حفص " أبو محمد عبيد بن الصباح.
" طريق خلف " أحمد بن عثمان بن بويان عن أبي الحسن إدريس بن عبد الكريم الحداد عنه.
" طريق خلاد " أبو بكر محمد بن شاذان الجوهري.
" طريق أبي الحارث " أبو عبد الله محمد بن يحيى البغدادي.
" طريق الدوري " أبو الفضل جعفر بن محمد النصيبي.
" طريق ابن وردان " الفضل بن شاذان.
" طريق ابن جماز " أبو أيوب الهاشمي.
" طريق رويس " أبو القاسم عبد الله بن سليمان النخاس بالخاء المعجمة عن التمار عنه.
" طريق روح " أبو بكر محمد بن وهب بن العلاء الثقفي عنه.
" طريق إسحاق " أبو الحسين أحمد بن عبد الله السوسنجردي عن ابن أبي عمر النقاش عنه.
" طريق إدريس " المطوعي والقطيعي، والله تعالى أعلم.
الفرق بين القراءات والروايات والطرق
" والخلاف الواجب والجائز "
خلاصة ما قاله علماء القراءات في هذا المقام أن كل خلاف نسب لإمام من الأئمة العشرة مما أجمع عليه الرواة عنه فهو قراءة، وكل ما نسب للراوي عن الإمام فهو رواية، وكل ما نسب للآخذ عن الراوي وإن سفل فهو طريق. نحو: الفتح في لفظ ضعف في سورة الروم قراءة حمزة، ورواية شعبة، وطريق عبيد بن الصباح عن حفص وهكذا.
وهذا هو الخلاف الواجب؛ فهو عين القراءات والروايات والطرق؛ بمعنى أن القارئ ملزم بالإتيان بجميعها فلو أخل بشيء منها عد ذلك نقصا في روايته كأوجه البدل مع ذات الياء
1 / 10
لورش، فهى طرق، وإن شاع التعبير عنها بالأوجه تساهلا. وأما الخلاف الجائز فهو خلاف الأوجه التي على سبيل التخيير والإباحة كأوجه البسملة، وأوجه الوقف على عارض السكون فالقارئ مخير في الإتيان بأي وجه منها غير ملزم بالإتيان بها كلها، فلو أتى بوجه واحد منها أجزأه ولا يعتبر ذلك تقصيرا منه ولا نقصا في روايته. وهذه الأوجه الاختيارية لا يقال لها قراءات ولا روايات ولا طرق بل يقال لها أوجه فقط، بخلاف ما سبق.
مصطلح الكتاب
إذا قلت: المدنيان، فالمراد نافع وأبو جعفر، وإذا قلت: البصريان فالمراد أبو عمرو ويعقوب، وإذا قلت: الأخوان فالمراد حمزة والكسائي، وإذا قلت الكوفيون فالمراد عاصم وحمزة والكسائي وخلف، وإذا قلت الأصحاب فالمراد حمزة والكسائي وخلف، وإذا وافق خلف في اختياره حمزة لا أقيده، وإذا خالفه قيدته بقولى في اختياره أو عن نفسه أو العاشر؛ خوفا من اللبس أما في روايته عن حمزة فلابد من تقييده بقولى: قرأ أو روى خلف عن حمزة وإذا اختلفت رواية الدوري عن أبي عمرو عن روايته عن الكسائي قيدته بقولى دوري أبي عمرو أو دوري الكسائي كقولي في الكلام على الممال: الناس بالإمالة لدوري أبي عمرو أو لدوري البصري، ورؤياك لدوري الكسائي خوفا من اللبس أيضا، أما إذا اتفقت روايته عن أبي عمرو مع روايته عن الكسائي، وذلك إذا ذكر معطوفا على أبي عمرو فلا أقيده كقولي في الممال " الكافرين " للبصري والدوري لأمن اللبس حينئذ لأن عطفه على البصري دليل على أن المراد به دوري الكسائي. كذلك لا أقيده إذا كانت له روايتان مختلفتان عن أبي عمرو كقولي في المدغم "نغفر لكم " للبصري بخلف عن الدوري، لوضوح المراد به حينئذ وهو دوري أبي عمرو.
وإذا قلت: في بيان المدغم وقد وافقه على إدغام كذا من الكلمات فلان فمرجع الضمير في وافقه يعود على الإمام السوسي لأنه أصبح من البدهيات عند المشتغلين بهذا الفن أن صاحب الإدغام والأصل فيه هو السوسي. والله تعالى أعلم.
باب الاستعاذة
يتعلق بها ثلاثة مباحث:
الأول في حكمها
الثاني في صيغتها
الثالث في كيفيتها
(المبحث الأول) اتفق العلماء على أن الاستعاذة مطلوبة من مريد القراءة. واختلفوا بعد ذلك هل هذا الطلب على سبيل الندب أو على سبيل الوجوب؟ فذهب جمهور العلماء وأهل الأداء
1 / 11
إلى الأول، وقالوا إن الاستعاذة مندوبة عند إرادة القراءة. وحملوا الأمر في قوله تعالى: " فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم " على الندب. فلو تركها القارئ لا يكون آثما.
وذهب بعض العلماء إلى الثاني، وقالوا: إن الاستعاذة واجبة عند إرادة القراءة وحملوا الأمر في الآية المذكورة على الوجوب. وقال ابن سيرين: - وهو من القائلين بالوجوب - لو أتى الإنسان بها مرة واحدة في حياته كفاه ذلك في إسقاط الواجب عنه، وعلى مذهب هؤلاء لو تركها الإنسان يكون آثما.
(المبحث الثاني) المختار لجميع القراء في صيغتها " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " لأنها الصيغة الواردة في سورة النحل. ولا خلاف بينهم في جواز غير هذه الصيغة من الصيغ الواردة عند أهل الأداء سواء نقصت عن هذه الصيغة نحو أعوذ بالله من الشيطان، أم زادت نحو أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، أو أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم، أو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إنه هو السميع العليم، أو إن الله هو السميع العليم، أو أعوذ بالله العظيم السميع العليم من الشيطان الرجيم إلى غير ذلك من الصيغ الصحيحة الواردة عن أئمة القراءة.
(المبحث الثالث) روي عن نافع أنه كان يخفي الاستعاذة في جميع القرآن. ومثل هذا روي عن حمزة. وروى خلف عن حمزة أيضا أنه كان يجهر بها أول الفاتحة خاصة ويخفيها بعد ذلك في سائر القرآن. وروى خلاد عنه أنه كان يجيز الجهر والإخفاء جميعا لا ينكر على من جهر ولا على من أخفى، لا فرق في ذلك بين الفاتحة وغيرها من سائر القرآن الكريم.
ولكن المختار في ذلك لجميع القراء العشرة التفصيل فيستحب إخفاؤها في مواطن، والجهر بها في مواطن أخرى.
مواطن الإخفاء:
(١) إذا كان القارئ يقرأ سرا سواء أكان منفردا أم في مجلس.
(٢) إذا كان خاليا سواء أقرأ سرا أم جهرا.
(٣) إذا كان في الصلاة سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية.
(٤) إذا كان يقرأ وسط جماعة يتدارسون القرآن كأن يكون في مقرأة ولم يكن هو المبتدئ بالقراءة.
وما عدا هذه المواطن يستحب الجهر بها.
(تتميم) إذا كان القارئ مبتدئا أول سورة تعين عليه الإتيان بالبسملة كما سيأتى، وحينئذ يجوز له بالنسبة للوقف على الاستعاذة أو وصلها بالبسملة أربعة أوجه: الأول الوقف على الاستعاذة وعلى البسملة.
الثاني الوقف على الاستعاذة ووصل البسملة بأول السورة.
الثالث وصل الاستعاذة بالبسملة والوقف عليها. الرابع وصل الاستعاذة بالبسملة ووصل البسملة بأول
1 / 12
السورة، وهذه الأوجه الأربعة جائزة لجميع القراء العشرة عند الابتداء بأي سورة من سور القرآن سوى براءة.
أما الابتداء ببراءة فيجوز لكل منهم وجهان فقط: الأول الوقف على الاستعاذة. الثاني وصلها بأول السورة، ولا بسملة في أولها لجميع القراء كما يأتى.
وأما إذا كان ابتداؤه بآية في أثناء السورة كأول الربع أو أول القصة مثلا فيجوز له حينئذ الإتيان بالبسملة وتركها، فإذا أتى بالبسملة جازت له الأوجه الأربعة المذكورة، وإذا تركها جاز له وجهان: الأول: الوقف على الاستعاذة. الثاني: وصلها بأول الآية، وهذه الأوجه جائزة لسائر القراء أيضا.
(فائدة) لو قطع القارئ قراءته لطارئ قهري كعطاس أو تنحنح أو لكلام يتعلق بمصلحة القراءة كأن شك في شيء في القراءة وسأل من بجواره ليتثبت لا يعيد الاستعاذة. أما لو قطعها إعراضا عنها أو لكلام لا تعلق له بها ولو ردا لسلام فانه يستأنف الاستعاذة.
باب البسملة
أجمع القراء العشرة على الإتيان بالبسملة عند الابتداء بأول كل سورة، سواء كان الابتداء عن قطع أم عن وقف، والمراد بالقطع ترك القراءة رأسا والانتقال منها لأمر آخر. والمراد بالوقف قطع الصوت على آخر السورة السابقة مع التنفس ومع نية استئناف القراءة لأنه بوقفه على آخر السورة السابقة وقطع صوته على آخر كلمة فيها مع التنفس يعتبر مبتدئا للسورة اللاحقة وإن كان مريدا استئناف القراءة فلابد حينئذ من البسملة لجميع القراء، وهذا الحكم عام في كل سورة من سور القرآن إلا براءة فلا خلاف بينهم في ترك البسملة عند الابتداء بها. واختلفوا في حكم الإتيان بها؛ فذهب ابن حجر والخطيب إلى أن البسملة تحرم في أولها وتكره في أثنائها.
وذهب الرملي ومشايعوه إلى أنها تكره في أولها وتسن في أثنائها كما تسن في أثناء غيرها.
وأما الابتداء بأواسط السور فيجوز لكل منهم الإتيان بالبسملة وتركها، لا فرق في ذلك بين براءة وغيرها واستثنى بعضهم وسط براءة فألحقه بأولها في عدم جواز الإتيان بالبسملة لأحد من القراء، وذهب بعضهم إلى أن البسملة لا تجوز في أوساط السور إلا لمن مذهبه الفصل بها بين السورتين. وأما من مذهبه السكت أو الوصل بين السورتين فلا يجوز له الإتيان بالبسملة في أواسط السور. وعلى هذا المذهب تكون أوساط السور تابعة لأولها. فمن بسمل في أولها بسمل في أثنائها، ومن تركها في أولها تركها في أوساطها؛ والمراد بأوساط السور ما بعد أوائلها ولو بآية أو بكلمة.
وأما حكم ما بين كل سورتين فاختلف القراء العشرة فيه؛ فذهب قالون وابن كثير وعاصم والكسائي وأبو جعفر إلى الفصل بالبسملة بين كل سورتين، وذهب حمزة وخلف إلى وصل آخر السورة بأول ما بعدها من غير بسملة، وروي عن كل من ورش وأبى عمرو وابن عامر
1 / 13
ويعقوب ثلاثة أوجه البسملة، والسكت، والوصل: والمراد بالسكت الوقف على آخر السابقة وقفة لطيفة من غير تنفس قدر سكت حمزة على الهمز. والمراد بالوصل وصل آخر السورة بأول تاليتها، ولا بسملة مع السكت ولا مع الوصل، وهذا الحكم عام بين كل سورتين سواء أكانتا مرتبتين كآخر البقرة وأول آل عمران، أم غير مرتبتين كآخر الأعراف مع أول يوسف لكن يشترط أن تكون الثانية بعد الأولى في ترتيب القرآن والتلاوة كما مثلنا. فان كانت قبلها فيما ذكر كأن وصل آخر الرعد بأول يونس تعين الإتيان بالبسملة لجميع القراء ولا يجوز السكت ولا الوصل لأحد منهم. كذلك لو وصل آخر السورة بأولها كأن كرر سورة من السور فان البسملة تكون متعينة حينئذ للجميع، كذلك تتعين البسملة للكل لو وصل آخر الناس بأول الفاتحة.
هذا وبعض أهل الأداء اختار الفصل بالبسملة بين المدثر والقيامة، وبين الانفطار والتطفيف وبين الفجر والبلد، وبين العصر والهمزة لمن روي عنه السكت في غيرها. وهم ورش والبصريان والشامي. واختار السكت بين ما ذكر لمن روي عنه الوصل في غيرها وهم المذكورون وخلف وحمزة. وذهبت طائفة إلى إبقاء الساكت على أصله واختيار السكت فيهن للواصل في غيرهن، وعدم جواز وصل البسملة بأول السورة بالنسبة للمبسمل. والذي ذهب إليه المحققون من العلماء عدم التفرقة بين هذه السور وبين غيرها، وهو الصحيح المختار الذي عليه العمل. وعلى التفرقة يكون لهذه السور مع غيرها حالتان: الأولى لو قرأت من آخر المزمل إلى أول القيامة فالمبسمل بين كل سورتين على حاله بأوجه البسملة الثلاثة، والساكت بين المزمل والمدثر له بين المدثر والقيامة السكت والبسملة بأوجهها الثلاثة، والواصل بين المزمل والمدثر له بين المدثر والقيامة الوصل والسكت فتكون الأوجه تسعة. الحالة الثانية لو قرأت من آخر المدثر إلى أول الإنسان فالمبسمل بين المدثر والقيامة له بين القيامة والإنسان البسملة بأوجهها الثلاثة، وفي الاختيار يزيد السكت بلا بسملة على كل وجه منها بين القيامة والإنسان، والساكت بين المدثر والقيامة له بين القيامة والإنسان السكت والوصل. والواصل بين المدثر والقيامة له بين القيامة والإنسان الوصل فقط فتكون الأوجه تسعة أيضا.
(فائدة) يجوز لكل من فصل بين السورتين بالبسملة ثلاثة أوجه:
الأول: الوقف على آخر السورة وعلى البسملة.
الثاني: الوقف على آخر السورة ووصل البسملة بأول التالية.
الثالث: وصل آخر السورة بالبسملة مع وصل البسملة بأول التالية. أما الوجه الرابع: وهو وصل آخر السورة بالبسملة مع الوقف عليها فهو ممتنع للجميع. وعلى هذا يكون لقالون ومن معه هذه الأوجه الثلاثة بين كل سورتين ويكون لورش والبصريين والشامي بين كل سورتين خمسة أوجه: ثلاثة البسملة والسكت والوصل، أما خلف وحمزة فليس لهما بين السورتين إلا وجه واحد وهو الوصل.
(تتمة) لكل من القراء العشرة حتى حمزة وخلف بين الأنفال والتوبة ثلاثة أوجه:
1 / 14
(الأول) الوقف وقد يعبر عنه بالقطع، وهو الوقف على آخر الأنفال مع التنفس. الثاني: السكت وهو الوقف على آخر الأنفال من غير تنفس. الثالث: وصل آخر الأنفال بأول التوبة، وكلها من غير بسملة، وهذه الأوجه الثلاثة جائزة بين التوبة وبين أي سورة بشرط أن تكون هذه السورة قبل التوبة في التلاوة فلو وصلت آخر الأنعام مثلا بأول التوبة جازت هذه الأوجه الثلاثة لجميع القراء. أما إذا كانت هذه السورة بعد التوبة في التلاوة كأن وصلت آخر سورة النور بأول التوبة فلم أجد من أئمة القراءة من نص على الحكم في هذا. ويظهر لي - والله أعلم - أنه يتعين الوقف حينئذ ويمتنع السكت والوصل، والله تعالى أعلم. كذلك يتعين الوقف ويمتنع السكت والوصل إذا وصلت آخر التوبة بأولها.
سورة الفاتحة
" العالمين " إذا وقف عليه جاز فيه لجميع القراء ثلاثة أوجه: الإشباع، وقدره ثلاث ألفات لالتقاء الساكنين اعتدادا بالعارض، والتوسط، وقدره ألفان لمراعاة اجتماع الساكنين مع ملاحظة كون هذا الساكن عارضا. والقصر وقدره ألف واحدة نظرا لعروض السكون وعدم الاعتداد به، وتجرى هذه الأوجه الثلاث في جميع ما ماثله.
" الرحيم " إذا وقف عليه جاز فيه لجميع القراء أربعة أوجه: الإشباع والتوسط والقصر.
والروم وهو النطق ببعض الحركة وقدر بثلثها، أو هو تضعيف الصوت بها حتى يذهب معظمها ولا يكون الروم إلا مع القصر. وهذه الأوجه الأربعة تجرى في كل ما ماثله. أما نحو " نستعين " فيجوز فيه لكل القراء سبعة أوجه عند الوقف عليه. الإشباع والتوسط والقصر مع السكون المحض؛ ومثلها مع الإشمام؛ والروم مع القصر. والإشمام هو الإشارة إلى حركة الموقوف عليه من غير صوت. أو يقال هو إطباق الشفتين عقب تسكين الحرف المرفوع كالمثال المتقدم أو المضموم نحو من قبل، ويا صالح.
" مالك يوم الدين " قرأ عاصم والكسائي ويعقوب وخلف في اختياره بإثبات ألف بعد الميم لفظا والباقون بحذفها.
" الصراط، وصراط " قرأ قنبل ورويس بالسين فيهما حيث وقعا. وقرأ خلف عن حمزة بالصاد مشمة صوت الزاي حيث وقعا كذلك. وقرأ خلاد مثل خلف في الموضع الأول خاصة وهو " اهدنا الصراط المستقيم " في هذه السورة. والباقون بالصاد الخالصة في جميع القرآن.
وكيفية الإشمام هنا أن تخلط لفظ الصاد بالزاي وتمزج أحد الحرفين بالآخر بحيث يتولد منهما حرف ليس بصاد ولا بزاي ولكن يكون صوت الصاد متغلبا على صوت الزاي كما يستفاد ذلك من معنى الإشمام. وقصارى القول في ذلك أن تنطق بالصاد كما ينطق العوام بالظاء. وأجمعوا
1 / 15
على تفخيم راء الصراط وصراط حيث وقعا نظرا لوجود حرف الاستعلاء بعدها. فورش فيهما كغيره.
" عليهم " قرأ ابن كثير وأبو جعفر وقالون بخلف عنه بضم ميم الجمع حالة الوصل مع وصلها بواو لفظا، وهذا مذهبهم في كل ميم جمع بشرط أن يكون الحرف الذي بعدها متحركا كما هنا وإذا وقع بعدها همزة قطع نحو عليكم أنفسكم كانت عند هؤلاء المذكورين من باب المد المنفصل؛ وعليه يكون فيها لابن كثير وأبى جعفر القصر فقط ويكون لقالون القصر والمد وستعرف مقدار المد عنده قريبا إن شاء الله تعالى. وقرأ ورش بصلة ميم الجمع بشرط أن يقع بعدها همزة قطع كالمثال المذكور، وهى عنده أيضا من قبيل المنفصل فيمد مدا مشبعا على قاعدته كما سيأتى. وقرأ حمزة ويعقوب بضم الهاء وصلا ووقفا والباقون بكسرها كذلك.
" ولا الضالين " مده لازم لأن سببه ساكن لازم مدغم، وجميع القراء يمدون للساكن اللازم مدا مشبعا بقدر ثلاث ألفات.
سورة البقرة
قد ذكرنا في باب البسملة مذاهب الأئمة العشرة فيما بين كل سورتين من الأوجه فتذكر.
" آلم " فيه مدان لازمان فيمد كل منهما مدا مشبعا بقدر ثلاث ألفات كما سبق. وقرأ أبو جعفر بالسكت على كل حرف من حروف الهجاء سكتة لطيفة من غير تنفس، فيسكت على ألف، وعلى لام، وعلى ميم، ويلزم من السكت على لام إظهارها وعدم إدغامها في ميم، والباقون بغير سكت.
" فيه هدى " قرأ ابن كثير بصلة هاء الضمير بياء لفظية، وهذا مذهبه في كل هاء ضمير وقعت بعد ياء ساكنة وكان ما بعدها متحركا. فإن وقعت بعد حرف ساكن غير الياء وكان ما بعدها متحركا كذلك وصلها بواو لفظية، مثل منه واجتباه، فلا توصل هاء الضمير عنده إلا إذا وقعت بين ساكن ومتحرك كما ذكر، أما إذا وقعت بين متحركين نحو به وله فلا خلاف بين القراء في صلتها بياء إن وقعت بعد كسرة نحو به. وبواو إن وقعت بعد فتحة نحو له أو ضمة نحو صاحبه.
فإن وقعت بين ساكنين نحو فيه القرآن، أو بين متحرك وساكن نحو له الملك فلا خلاف بين القراء في عدم صلتها. فحينئذ يكون لها أحوال أربعة كما ذكرنا، فيصلها ابن كثير وحده في حالة وهي ما إذا وقعت بين ساكن ومتحرك كما سبق تمثيله.
ويصلها جميع القراء في حالة، وهي ما إذا وقعت بين متحركين كما تقدم. وتمتنع صلتها عند الجميع في حالتين: وهما إذا وقعت بين ساكنين، أو بين متحرك وساكن وقد سبق التمثيل لهما، فتدبر، هذه هي القاعدة الكلية لجميع القراء في هاء الضمير.
وهناك كلمات خرج فيها بعض القراء عن هذه القاعدة سنبينها في مواضعها إن شاء الله تعالى.
1 / 16
" يؤمنون " قرأ ورش والسوسي وأبو جعفر بإبدال همزة واوا ساكنة وصلا ووقفا وكذا كل همزة ساكنة وقعت فاء للكلمة فإن ورشا يبدلها حرف مد من جنس حركة ما قبلها ما عدا كلمات مخصوصة سننبه عليها في محالها إن شاء الله؛ وأما السوسي فإنه يبدل كل همزة ساكنة سواء أكانت فاء أم عينا أم لاما إلا كلمات معينة خرجت عن هذه القاعدة سنقفك عليها، وكذا أبو جعفر فإن قاعدته العامة إبدال كل همزة ساكنة فاء كانت أم عينا أم لاما، واستثنى من هذه القاعدة كلمتان فلا إبدال له فيهما وهما " أنبئهم " بالبقرة و" ننبئهم " بالحجر والقمر وقرأ حمزة بإبدال همزة يؤمنون عند الوقف فقط، وكذا يبدل عند الوقف كل همز ساكن فتأمل.
" الصلاة " قرأ ورش بتفخيم اللام؛ وكذلك قرأ بتفخيم كل لام مفتوحة سواء أكانت مخففة أم مشددة. متوسطة أم متطرفة. إذا وقعت بعد صاد أو طاء أو ظاء. سواء سكنت هذه الحروف أم فتحت؛ وسواء خففت أم شددت. نحو " الصلاة. وفصل. ومصلى. ويصلى. وبطل. ومعطلة. ومطلع. وطلقتم. والطلاق. ظلم. وظلام. وظل. وأظلم. وظلت ".
" رزقناهم " قرأ ابن كثير وأبو جعفر وقالون بخلاف عنه بصلة الميم وصلا والباقون بالإسكان وصلا ووقفا " يؤمنون " سبق نظيره قريبا.
" بما أنزل " هو مد منفصل، وقد قرأ بقصره قالون والدوري عن أبي عمر وبخلاف عنهما.
والسوسي وابن كثير وأبو جعفر ويعقوب من غير خلاف عنهم، وقرأ الباقون بمده وهو الوجه الثاني لقالون والدوري عن أبي عمرو، والقراء الذين مذهبهم مد المنفصل متفاوتون في مده، فأطولهم فيه مدا ورش وحمزة. وقدر المد عندهما بثلاث ألفات والألف حركتان بحركة الأصبع قبضا أو بسطا، فيكون المد عندهما ست حركات.
ويليهما في المد عاصم، وقدر عنده بألفين ونصف أي بخمس حركات. ويليه الشامي والكسائي وخلف في اختياره، وقدر عندهم بألفين أي بأربع حركات. ويليهم قالون والدوري على وجه المد لهما في المنفصل - وقدر عندهما بألف ونصف أي بثلاث حركات. هذا مذهب القراء العشرة في المد المنفصل، وأما مذهبهم في المتصل فإليك بيانه. فأما ورش وحمزة فيمدانه بمقدار ثلاث ألفات أي ست حركات، فلا فرق عندهما بين المنفصل والمتصل في مقدار المد. وأما عاصم فيمده كالمنفصل بقدر ألفين ونصف. وأما ابن عامر والكسائي وخلف في اختياره فيمدونه كالمنفصل أيضا قدر ألفين، وأما قالون ودوري أبي عمرو وابن كثير والسوسي وأبو جعفر ويعقوب فيمدونه قدر ألف ونصف. وهذا كله مبني على ما ذهب إليه الداني وبعض العلماء أن للمد أربع مراتب: طولي لورش وحمزة وقدرت بثلاث ألفات كما سبق، وهذا في المتصل والمنفصل معا. الثانية دونها لعاصم وقدرت بألفين ونصف، وهذا في المتصل والمنفصل أيضا.
الثالثة دون الثانية لابن عامر والكسائي وخلف في اختياره وقدرت بألفين فقط وهذا في المتصل والمنفصل كذلك. الرابعة دون الثالثة وقدرت بألف ونصف وهذا في المتصل لقالون ودوري أبي عمرو وابن كثير والسوسي وأبي جعفر ويعقوب.
1 / 17
وأما في المنفصل فلا تتحقق هذه المرتبة إلا لقالون ودوري أبي عمرو على وجه المد لهما.
وأما المكي والسوسي وأبو جعفر ويعقوب فليس لهم في المنفصل إلا القصر كما سبق. وذهب فريق من المحققين ومنهم الإمام الشاطبي إلى أن للمد مرتبتين فحسب، طولي لورش وحمزة في المنفصل والمتصل، وقدرت بثلاث ألفات كما تقدم. ووسطي وقدرت بألفين فقط وهى في المتصل لقالون وابن كثير وأبى عمرو وابن عامر وعاصم والكسائي وأبى جعفر ويعقوب وخلف في اختياره. وأما في المنفصل فهى لقالون ودوري أبي عمرو على وجه المد لهما ولابن عامر وعاصم والكسائي وخلف عن نفسه، وأما ابن كثير والسوسي وأبو جعفر ويعقوب فلا تتحقق عندهم هذه المرتبة لأن مذهبهم قصر المنفصل كما علمت. وينبغى أن تعلم أنك إذا قرأت لقالون مثلا بمد المنفصل قدر ألف ونصف على المذهب الأول تعين أن تسوى به المتصل فتمده قدر ألف ونصف كذلك، وإذا مددت المنفصل لقالون مثلا قدر ألفين على المذهب الثاني تعين أن تمد المتصل له قدر ألفين كذلك - وإذا قرأت لعاصم بمد المنفصل قدر ألفين ونصف على المذهب الأول وجب أن تمد المتصل هذا المقدار، وإذا قرأت له بمد المنفصل قدر ألفين فقط على المذهب الثاني تعين مد المتصل هذا القدر أيضا وهكذا. فيجب رعاية كل مذهب على حدة وعدم خلط مذهب بآخر. ولنضرب لك مثلا يوضح هذين المذهبين أتم إيضاح فنقول: إذا اجتمع المنفصل والمتصل كما إذا قرأت من قوله تعالى " والذين يؤمنون بما أنزل إليك " إلى قوله تعالى " وأولئك هم المفلحون " فإذا قرأت لقالون أو ابن كثير أو أبي عمرو أو أبي جعفر أو يعقوب بقصر المنفصل جاز لك في المتصل مده ثلاث حركات على المذهب الأول وأربعا على المذهب الثاني. وإذا قرأت لقالون والدوري عن أبي عمرو بمد المنفصل ثلاث حركات على المذهب الأول تعين في المتصل مده كذلك. وإذا قرأت لهما بمد المنفصل أربعا على المذهب الثاني تعين مد المتصل كذلك.
وإذا قرأت لعاصم بمد المنفصل خمس حركات على المذهب الأول مددت المتصل خمسا كذلك، وإذا مددت المنفصل أربعا على المذهب الثاني مددت له المتصل كذلك، وليس لابن عامر والكسائي وخلف عن نفسه إلا المد بقدر ألفين فقط على كلا المذهبين سواء في ذلك المتصل والمنفصل. كما أنه ليس لورش وحمزة على كلا المذهبين إلا المد بقدر ثلاث ألفات لا فرق في ذلك بين المتصل والمنفصل فتدبر. وهذا إذا تقدم المنفصل على المتصل كما ذكر.
أما إذا تقدم المتصل على المنفصل كما إذا قرأت من قوله تعالى: إن الذين كفروا سواء عليهم - إلى وعلى أبصارهم غشاوة.
فإذا قرأت لقالون أو دوري أبي عمرو بمد المتصل ثلاثا على المذهب الأول مددت المنفصل ثلاثا أو قصرته.
وإذا مددت المتصل لهما أربعا على المذهب الثاني مددت المنفصل أربعا أو قصرته، وإذا قرأت لابن كثير أو السوسي أو أبي جعفر أو يعقوب بمد المتصل ثلاثا على المذهب الأول
1 / 18
أو أربعا على المذهب الثاني قصرت المنفصل فقط لأن مذهبهم فيه القصر لا غير، وإذا قرأت للشامى أو الكسائي أو خلف عن نفسه بمد المتصل أربعا مددت المنفصل كذلك إذ ليس لهم في المدين إلا هذا المقدار على كلا المذهبين. وإذا قرأت لعاصم بمد المتصل خمسا على المذهب الأول تعين مد المنفصل خمسا، وإذا مددت له المتصل أربعا على المذهب الثاني تعين مد المنفصل كذلك، وقد علمت أن ورشا وحمزة ليس لهما في المدين إلا الإشباع على كلا المذهبين.
واعلم أن من يمد المتصل بقدر ألف ونصف وصلا يمده كذلك وقفا ويجوز له في حالة الوقف مده بقدر ألفين أو ثلاث مراعاة للسكون العارض. ومن يمده بقدر ألفين في حالة الوصل يمده كذلك في حالة الوقف ويجوز له مده في هذه الحالة بقدر ثلاث ألفات. ومن يمده حالة الوصل قدر ألفين ونصف يمده كذلك في حالة الوقف، ويجوز له مده حينئذ بقدر ثلاث ألفات، ومن يمده وصلا بقدر ثلاث ألفات لا يجوز له وقفا إلا ذلك، وكل هذا مع السكون المحض ومع الاشمام إن كان مرفوعا، وأما الروم فلا يكون إلا كحالة الوصل فلا يمد في حالة الروم إلا بمقدار ما يمد عند الوصل والله تعالى أعلم، ولا يجوز القصر لأحد لأن في ذلك إلغاء السبب الأصلى وهو الهمز واعتبار السبب العارض. وهو السكون.
" وبالآخرة " قرأ ورش بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وحذف الهمزة.
وهذا مذهبه في كل همزة متحركة وقعت بعد ساكن صحيح كهذا، ونحو من آمن، وبعاد إرم، وخلوا إلى بشرط أن يكون الساكن آخر كلمة وألا يكون حرف مد وأن تكون الهمزة أول الكلمة الثانية، فإن كان الساكن حرف مد نحو وفي أنفسكم فلا نقل فيه بل فيه المد. وقرأ أيضا بالقصر والتوسط والإشباع في البدل، وهذا مذهبه في مد البدل لا فرق في ذلك بين البدل المحقق نحو آمنوا. أو المغير بالنقل نحو الإيمان والأولى. وابني آدم وألفوا آباءهم. وقد أوتيت. أو المغير بالإبدال نحو " لو كان هؤلاء آلهة " أو التسهيل نحو ءآلهتنا، وإنما لم يمنع التغير في الهمز من التوسط والمد نظرا لعروض هذا التغير، والمعتبر إنما هو الأصل، وأقوى الأوجه الثلاثة في البدل القصر فينبغي تقديمه على التوسط والطول. وقرأ كذلك بترقيق راء بالآخرة لوجود الكسرة الأصلية قبلها فيكون لورش في هذه الكلمة ثلاثة أحكام النقل ومد البدل والترقيق، وقرأ خلف عن حمزة وخلاد بخلاف عنه بالسكت على لام التعريف وصلا، وأما في الوقف فيجوز لكل منهما وجهان السكت والنقل ولا يجوز الوقف عليهما لحمزة من الروايتين بالتحقيق من غير سكت، وإذا وقف الكسائي على هذه الكلمة أمال ما قبل هاء التأنيث قولا واحدا.
واعلم أن مد البدل أقوى من المد العارض للسكون وعلى هذا يكون في هذه الآية لورش ستة أوجه قصر البدل وعليه في العارض ثلاثة أوجه القصر والتوسط والمد، وتوسط البدل عليه توسط العارض ومده - ومد البدل عليه مد العارض فقط.
1 / 19
" أولئك " مد المتصل وقد سبق بيان مذاهب القراء العشرة فيه مستوفي. ولو وقف عليه حمزة يكون له فيه وجهان بالنسبة للهمزة الثانية، وهما تسهيلها مع المد والقصر.
" وأولئك " مثل الأول غير أن لحمزة أربعة أوجه عند الوقف عليه: تحقيق الهمزة الأولى أو تسهيلها بين الهمزة والواو، وعلى كل منهما تسهيل الثانية مع المد والقصر.
" عليهم ءأنذرتهم أم " قرأ قالون بخلف عنه والمكي وأبو جعفر بصلة ميم عليهم وءأنذرتهم وصلا ونظرًا لوجود الهمزة يكون المد عند هؤلاء الواصلين مدا منفصلا فيكون للمكي وأبي جعفر فيه القصر قولا واحدا، ويكون فيه لقالون القصر والمد وقد عرفت مقدار المد المنفصل عنده على المذهبين السابقين، وقرأ ورش كذلك بالصلة ولكن مع المد المشبع لأنه يمد المنفصل كذلك كما تقدم.
وقرأ حمزة ويعقوب بضم الهاء من عليهم وصلا ووقفا، والباقون بكسرها. وقرأ قالون وأبو عمرو وأبو جعفر بتسهيل الهمزة الثانية بينها وبين الألف مع إدخال ألف بينهما. وقرأ ابن كثير ورويس بتسهيل الثانية من غير إدخال، ولورش وجهان: الأول مثل المكي ورويس والثاني إبدالها ألفا، وحينئذ يلتقي ساكنان هذه الألف والنون التي بعدها فيمد مدا مشبعا بقدر ثلاث ألفات ولهشام وجهان كذلك وهما التحقيق والتسهيل مع الإدخال في كل منهما، وقرأ الباقون بالتحقيق بدون إدخال، وقرأ خلف عن حمزة بخلف عنه بالسكت على ميم عليهم وعلى ميم ءأنذرتهم، وصلا ووقفا، والسكت يكون من غير تنفس وهذا مذهبه في كل ساكن وقع آخر كلمة وأتت بعده همزة. وإذا وقف حمزة على ءأنذرتهم وحدها، كان له فيها وجهان تسهيل الهمزة الثانية وتحقيقها. أما إذا وقف على " عليهم ءأنذرتهم " فيكون لخلف أربعة أوجه السكت وتركه وعلى كل تسهيل الهمزة الثانية وتحقيقها. ويكون لخلاد وجهان فقط وهما تسهيل الهمزة وتحقيقها إذ لا سكت عنده.
واعلم أن حمزة لا نقل له في ميم الجمع في نحو ءأنذرتهم أم، بل له فيه وفي أمثاله التحقيق لخلف وخلاد، والسكت لخلف وحده كما تقدم.
[تتميم] المد الذي يكون بين الهمزتين عند من يمد مقداره ألف واحدة أي حركتان فقط وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هذا المد من قبيل المد المتصل نظرا لوجود شرط المد وهو الألف وسببه وهو الهمز في كلمة واحدة. ولكن جمهور العلماء والمحققين على عدم الاعتداد بهذه الألف لأنها عارضة، وإنما أتى بها لتكون حاجزة بين الهمزتين ومبعدة لإحداهما عن الأخرى لصعوبة النطق بهمزتين متلاصقتين، فتأمل.
" غشاوة لهم " و" من يقول " قرأ خلف عن حمزة بإدغام التنوين في الواو، وإدغام النون الساكنة في الياء من غير غنة، وقرأ الباقون بالإدغام مع الغنة.
" آمنا بالله وباليوم الآخر " في كل من آمنا والآخر مد بدل وإن كان الأول محققا والثاني مغيرا بالنقل، والمعتمد وجوب التسوية بينهما وعدم التفرقة فيقصران معا ويوسطان ويمدان كذلك
1 / 20
لورش وهكذا كل ما شابهه. وإذا نظرت إلى الوقف العارض في بمؤمنين كان لورش ستة أوجه قصر البدلين مع ثلاثة العارض وتوسطهما مع توسط العارض ومده ومدهما مع مد العارض ولا تنس ما في لفظ الآخر لخلف وخلاد عن حمزة وصلا ووقفا، وقد تقدم ذلك في وبالآخرة.
" بمؤمنين " أبدل همزة ورش والسوسي وأبو جعفر وصلا ووقفا وحمزة عند الوقف.
وحققه غيرهم مطلقا.
" وما يخدعون " قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بضم الياء وفتح الخاء وألف بعدها وكسر الدال والباقون بفتح الياء وإسكان الخاء بلا ألف وفتح الدال، وخلاف القراء إنما هو في الموضع الثاني المقيد بقوله تعالى " وما " وأما الموضع الأول وهو يخادعون الله فاتفقوا على قراءته كقراءة نافع ومن معه في الموضع الثاني.
" عذاب أليم " نقل ورش حركة الهمزة إلى ما قبلها ثم حذف الهمزة، ولخلف وجهان السكت على الساكن المفصول وتركه إن وصل أليم بما بعده فإن وقف على أليم كان له ثلاثة أوجه السكت والنقل وتركهما. وأما خلاد فليس له في الساكن المفصول إلا التحقيق من غير سكت إذا وصل أليم بما بعده فإن وقف عليه كان له وجهان النقل والتحقيق بلا سكت.
" يكذبون " قرأ الكوفيون بفتح الياء وسكون الكاف وتخفيف الذال، والباقون بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الذال.
" قيل " في الموضعين، قرأ هشام والكسائي ورويس باشمام كسرة القاف الضم. قال صاحب غيث النفع: وكيفية ذلك أن تحرك القاف بحركة مركبة من حركتين ضمة وكسرة وجزء الضمة مقدم وهو الأقل ويليه جزء الكسرة وهو الأكثر، والباقون بكسرة خالصة. انتهى مع بعض زيادة.
" السفهاء ألا " قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ورويس بإبدال الهمزة الثانية واوا خالصة مفتوحة، والباقون بتحقيقها ولا خلاف بين القراء العشرة في تحقيق الأولى، وقد أشبعنا الكلام على ما يجوز من الأوجه في المد المتصل الموقوف عليه لكل القراء فارجع إليه عند قوله تعالى " بما أنزل إليك " أول هذه السورة.
بقى أن نبين لك ما لحمزة وهشام من الأوجه على مثل هذا فنقول: إن هشاما وحمزة يبدلان الهمزة ألفا عند الوقف من جنس ما قبله وحينئذ يجتمع ألفان فيجوز حذف إحداهما تخلصا من اجتماع ساكنين في كلمة واحدة، ويجوز إبقاؤهما لجواز اجتماع الساكنين عند الوقف. فعلى حذف إحداهما يحتمل أن يكون المحذوف الأولى وأن يكون الثانية فعلى تقدير أن المحذوف هي الأولى يتعين القصر لأن الألف حينئذ تكون مبدلة من همزة فلا يجوز فيها إلا القصر مثل بدأ وأنشأ عند الوقف لهما. وعلى تقدير أن المحذوف هي الثانية يجوز المد والقصر لأنه حرف مد وقع قبل همز مغير بالبدل ثم الحذف. وعلى إبقائهما يتعين المد بقدر
1 / 21
ثلاث ألفات. ووجه ذلك أن في الكلمة ألفين الألف الأولى والألف الثانية المبدلة من الهمزة وتزاد ألف ثالثة للفصل بين الألفين فيمد ست حركات لأن مقدار الألف حركتان، وعلى هذا يكون في الوقف عليه وجهان القصر والمد. ويكون القصر على تقدير حذف الأولى أو الثانية.
ويكون المد على تقدير إبقاء الألفين أو حذف الثانية. وصرح العلماء بجواز التوسط فيه قياسا على سكون الوقف فيكون فيه ثلاثة أوجه عند إبدال الهمزة ألفا وهى القصر والتوسط والمد - وفيه وجهان آخران وهما تسهيل الهمزة بين بين مع رومها ويكون ذلك مع المد والقصر، ووجه اشتراط روم الهمزة مع تسهيلها وعدم الاكتفاء بالتسهيل أن الوقف بالحركة الكاملة لا يجوز فمجموع الأوجه الجائزة لهشام وحمزة في الوقف على السفهاء وأمثاله خمسة، وهذه الأوجه الخمسة تجوز أيضا في الوقف على الهمز المتطرف الواقع بعد ألف إذا كان مجرورا أيضا نحو من السماء.
واعلم أن هشاما يشارك حمزة في هذه الأوجه كلها ولا فرق بينه وبينه إلا في وجه التسهيل مع المد فإن حمزة يمد بمقدار ثلاث ألفات وهشاما بمقدار ألفين ولا يخفي أن الروم في هذا وأمثاله يكون بلا تنوين.
" وإذا خلوا إلى " فيه لورش وحمزة ما في " عذاب أليم " وصلا ووقفا.
" مستهزءون " هو مد بدل ففيه لورش الثلاثة: القصر والتوسط والمد وهذا عند الوصل، أما إذا وقف عليه فإذا كان يقرأ بمد البدل فلا يقف هنا إلا بالمد سواء اعتد بالعارض أم لا؛ لأن سبب المد لم يتغير حالة الوقف بل ازداد قوة بسبب سكون الوقف وإن كان يقرأ بتوسط البدل فله عند الوقف التوسط إن لم ينظر إلى العارض والمد إن نظر إليه. وإذا كان يقرأ بالقصر فله عند الوقف القصر إن لم يعتد بالعارض وله التوسط والطول إن اعتد به، وقس على هذا ما ماثله، ولحمزة عند الوقف ثلاثة أوجه الأول: تسهيل الهمزة بينها وبين الواو وهذا مذهب سيبويه. الثاني: إبدالها ياء خالصة وهذا مذهب الأخفش، الثالث: حذف الهمزة مع ضم الزاي، هذه هي الأوجه الصحيحة وهناك أوجه أخرى لا تصح القراءة بها، ولذا أهملنا ذكرها. وقرأ أبو جعفر بالحذف وضم الزاي مطلقا.
" يستهزئ " فيه وأمثاله نحو يبرئ وينشئ عند الوقف لهشام وحمزة خمسة أوجه تقديرا وأربعة عمليا.
الأول: إبدال الهمزة ياء ساكنة على القياس.
الثاني: تسهيلها بين بين مع الروم.
الثالث: إبدالها ياء مضمومة على الرسم وعلى مذهب الأخفش ثم تسكن للوقف فيتحد هذا الوجه مع الوجه الأول في العمل ويختلف في التقدير. الرابع: كالثالث ولكن مع الاشمام.
1 / 22
الخامس: إبدالها ياء مضمومة أيضا مع الروم.
" أضاءت " لحمزة عند الوقف عليه تسهيل الهمزة الثانية مع المد والقصر، وقس على هذا نظائره من كل همزة وقعت متوسطة بعد ألف سواء كانت مفتوحة كهذا أم مضمومة نحو نساؤكم أم مكسورة نحو نسائكم - وليس لهشام في مثل هذا إلا التحقيق لأنه إنما يشارك حمزة في تغيير الهمز المتطرف فحسب.
" لا يرجعون " اتفق الأئمة العشرة على القراءة في هذا الموضع بفتح الياء وكسر الجيم.
" لا يبصرون " قرأ ورش بترقيق الراء. وكذا يرقق كل راء مفتوحة أو مضمومة وقعت في وسط الكلمة أو في آخرها بشرط أن يكون قبلها كسرة أصلية أو ياء ساكنة، نحو فراشا والطير ويغفر وسيروا وهذا إذا لم يقع بعدها حرف استعلاء ولم تتكرر فإن وقع بعدها حرف استعلاء أو تكررت فإنها تفخم لجميع القراء نحو الصراط وفرارا، ولا يشترط مباشرة الكسرة للراء فإن حال بين الكسرة والراء ساكن فإنها ترقق له أيضا لأن الساكن حاجز غير حصين نحو إكراه والذكر بشرط ألا يكون هذا الساكن حرف استعلاء فإن كان حرف استعلاء وجب تفخيمها نحو إصرا، ووقرا، واستثنوا من حروف الاستعلاء الخاء فقط فألحقوها بحروف الاستفال لضعفها بالهمس ولذلك رققوا " إخراج " حيث وقع. وإن وقع بعدها حرف استعلاء فخمت أيضًا للجميع نحو إعراضا؛ وهناك كلمات خرجت عن هذه القواعد سنقفك عليها في مواضعها إن شاء الله تعالى.
" من السماء " فيه عند الوقف عليه لحمزة وهشام ما في " السفهاء " من الأوجه.
" فيه " وصل الهاء ابن كثير وحده.
" ظلمات ورعد وبرق يجعلون " أدغم خلف عن حمزة بلا غنة والباقون مع الغنة.
" أضاء " فيه عند الوقف لحمزة وهشام إبدال الهمزة مع القصر والتوسط والمد وليس فيه غير ذلك، وكذا الحكم في كل همز متطرف مفتوح وقع بعد ألف نحو شاء وجاء وهكذا.
" أظلم " غلظ ورش اللام.
" وأبصارهم " فيه عند الوقف عليه لحمزة وجهان: تحقيق الهمزة وتسهيلها وكذلك الحكم في كل همز اعتبر متوسطا بسبب دخول حرف من الحروف الزوائد عليه، وهي ها نحو هأنتم ويا نحو يا آدم، واللام نحو لأنفسكم. والباء نحو بأبصارهم. والواو كهذا والفاء نحو فإذا. والهمزة نحو ءأنذرتهم، والسين نحو سأصرف، والكاف نحو كأنهم. ولام التعريف نحو الأنهار.
فالحروف الزوائد الواقعة في القرآن عشرة كما علمت، والتغيير في الهمز الواقع بعدها يكون حسب القواعد فيكون بابدال الهمزة المفتوحة بعد الكسر ياء خالصة نحو بأسمائهم. وبابدال
1 / 23
المضمومة بعد الكسر ياء خالصة مضمومة أو تسهيلها بين بين نحو ولأتم، وبتسهيل البواقي بين بين. والتغيير في الهمز الواقع بعد لام التعريف لا يكون إلا بالنقل.
" شيء " قرأ ورش بالتوسط والمد وصلا ووقفا وكذا في كل ما ماثله من كل لين وقع بعده همزة في كلمة واحدة سواء كان حرف اللين ياء كهذا وكهيئة أو واوا نحو السوء بفتح السين وإذا وقفت على مثل هذا فله فيه أربعة أوجه التوسط والطول وعلى كل منهما السكون المحض والروم. فاذا كان مرفوعا كان له عند الوقف ستة أوجه: التوسط والمد وعلى كل السكون المحض والروم والإشمام، أما إذا كان منصوبا نحو شيئا فليس له فيه إلا الوجهان التوسط والطول. وأما خلف عن حمزة فله في هذا اللفظ السكت قولا واحدا عند الوصل سواء كان منصوبا أم مجرورًا أم مرفوعا، ولخلاد وجهان عند الوصل أيضا السكت وتركه، وأما عند الوقف فان كان منصوبا فلحمزة فيه وجهان " الأول: النقل أي نقل حركة الهمزة إلى الياء وحذف الهمزة، الثاني: الإدغام أي إبدال الهمزة ياء وإدغام الياء التي قبلها فيها، وهذا مذهب حمزة في الوقف على كل كلمة فيها همزة وكان قبلها ياء أصلية كما هنا فله فيها النقل والإدغام. وإن كان مجرورًا كما هنا فله فيه أربعة أوجه النقل والإدغام. وعلى كل منهما السكون المحض والروم.
وإن كان مرفوعا فله فيه ستة أوجه: النقل والإدغام وعلى كل منهما السكون المحض والإشمام والروم.
" يأيها " مد منفصل وتقدمت مذاهب القراء فيه: ولو وقف عليه لحمزة كان فيه ثلاثة أوجه: تحقيق الهمزة مع المد، وتسهيلها مع المد، والقصر لأنه متوسط بحرف من الحروف الزوائد.
" فراشًا " رقق ورش راءه.
" بناءًا " ليس لورش فيه مد بدل لأن الألف فبه مبدلة من التنوين لأجل الوقف فهى عارضة فلا يعتد بها، وهكذا جميع ما ماثله نحو دعاء ونداء وهزؤا وملجأ. ولحمزة فيه عند الوقف تسهيل الهمزة مع المد والقصر كما في أضاءت، ولا شيء فيه لهشام نظرا لتوسط الهمز بالألف المبدلة من التنوين وإن لم يكن لها صورة.
" فأتوا " أبدل همزة في الحالين ورش والسوسي وأبو جعفر وفي الوقف فقط حمزة وليس له فيه إلا الإبدال وإن كانت الفاء فيه زائدة نظرا لعدم إمكان النطق بالهمزة إلا متصلة بالفاء فكأن الهمزة في هذه الحال متوسطة بنفسها، وقس على هذا ما أشبهه.
" شهداءكم " فيه لحمزة وقفا ما في بناء.
" الأنهار " لا نخفي ما فيه من النقل لورش وصلا ووقفا. وفيه لخلف عن حمزة وصلا السكت فقط، ووقفا السكت والنقل، وفيه لخلاد وصلا السكت وتركه، ووقفا السكت والنقل كخلف وليس فيه تحقيق من غير سكت. قال ابن الجزري: لا أعلم هذا الوجه - التحقيق من
1 / 24